الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال عبد حاضر لسيده كاتبني على نفسي وعن فلان الغائب فكاتبهما فقبل العبد الحاضر صح ) العقد استحسانا في الحاضر أصالة والغائب تبعا ( وأيهما أدى بدل الكتابة عتقا جميعا ) بلا رجوع ( ويجبر المولى على القبول ) للبدل من أحدهما ( ولا يطالب ) العبد ( الغائب بشيء ) لعدم التزامه ( وقبوله ) للكتابة ( لغو ) لا يعتبر ( كرده إياها ) ولو حرره سقط عن الحاضر حصته ، [ ص: 110 ] ولو حرر الحاضر أو مات أدى الغائب حصته حالا وإلا رد قنا ، ولو أبرأ الحاضر أو وهبه له عتقا جميعا .

التالي السابق


( قوله على نفسي ) كذا عبارة التبيين ، والأولى " عن " بدل " على " كما في الهداية وغيرها ( قوله صح العقد استحسانا ) وفي القياس يصح عن نفسه لولايته عليها ، ويتوقف في حق الغالب لعدم الولاية عليه هداية ( قوله في الحاضر أصالة إلخ ) قال الزيلعي : وجه الاستحسان أن المولى خاطب الحاضر قصدا وجعل الغائب تبعا له والكتابة على هذا الوجه مشروعة كالأمة إذا كوتبت دخل في كتابتها ولدها المولود في الكتابة والمشترى فيها والمضموم إليها في العقد تبعا لها حتى يعتقوا بأدائها وليس عليهم شيء من البدل ، ولأن هذا تعليق العتق بأداء الحاضر والمولى ينفرد به في حق الغائب فيجوز من غير توقف ولا قبول من الغائب ا هـ .

قلت : وفي التعليل الثاني نظر لأنه يحصل العتق بأداء الغائب ، وكذا بإبراء الحاضر كما يأتي تأمل ( قوله بلا رجوع ) أي من كل على صاحبه لأن الحاضر قضى دينا عليه والغائب متبرع به غير مضطر إليه هداية ( قوله من أحدهما ) أما الحاضر فلأن البدل عليه ، وأما الغائب فلأنه ينال به شرف الحرية وإن لم يكن البدل عليه ، وصار كمعير الرهن إذا أدى الدين هداية ( قوله لا يعتبر ) أي في كونه مطالبا . قال في الدرر : فلا يؤخذ بشيء لنفاذ العقد على الحاضر ا هـ أي بلا توقف ولا قبول من الغائب كما مر .

قلت : وبه ظهر الفرق بين هذه وبين المسألة السابقة حيث قدم أنه إذا بلغ العبد فقبل صار مكاتبا ، يعني نفذت الكتابة في حق لزوم البدل عليه كما قدمناه فتدبر . وقد توقف فيه الواني وأقره نوح أفندي كما ذكره أبو السعود ( قوله ولو حرره ) أي أعتق الغائب ( قوله سقط عن الحاضر حصته ) أي من البدل ، لأن الغائب [ ص: 110 ] دخل في العقد مقصودا فكان البدل منقسما وإن لم يكن مطالبا به ، بخلاف الولد المولود في الكتابة ، حيث لا يسقط عن الأم شيء من البدل بعتقه لأنه لم يدخل مقصودا ولم يكن يوم العقد موجودا وإنما دخل بعد ذلك تبعا لها زيلعي ( قوله أدى الغائب حصته حالا وإلا رد قنا ) لأنه دخل مقصودا بخلاف المولود في الكتابة حيث يبقى على نجوم والده إذا مات كذا في الدرر .

فإن قلت : هذا ينافي ما تقدم من أنه داخل في العقد تبعا . قلت : هو أصيل باعتبار إضافة العقد إليه تبع باعتبار عدم مشافهته به ، بخلاف المولود في الكتابة فإنه تبع من كل وجه لعدم وجوده وقت العقد ، كذا يؤخذ من العناية ح .

قلت ويؤخذ مما قدمناه عن الزيلعي أيضا ( قوله ولو أبرأ الحاضر أو وهبه له عتقا ) أي وهبه البدل وقيد بالحاضر لأنه لو أبرأ الغائب أو وهبه لا يصح لعدم وجوبه عليه كما في التبيين




الخدمات العلمية