الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن وكل ) الراهن ( المرتهن أو ) وكل ( العدل أو غيرهما ببيعه عند حلول الأجل صح ) توكيله ( لو ) الوكيل ( أهلا لذلك ) أي للبيع ( عند التوكيل وإلا ) يكن أهلا لذلك عند التوكيل ( لا ) تصح الوكالة وحينئذ ( فلو وكل بيعه صغيرا ) لا يعقل ( فباعه بعد بلوغه لم يصح ) خلافا لهما ( فإن شرطت ) الوكالة ( في عقد الرهن لم ينعزل بعزله - [ ص: 504 ] و ) لا ( بموت الراهن و ) لا ( المرتهن ) للزومها بلزوم العقد ، فهي تخالف الوكالة المفردة من وجوه : أحدها هذا ( و ) الثاني أن الوكيل هنا ( يجبر على البيع عند الامتناع ) وكذا لو شرطت بعد الرهن في الأصح زيلعي على خلاف ظاهر الرواية وإن صححها قاضي خان وغيره على ما نقله القهستاني وغيره فتنبه ، بخلاف الوكالة المفردة ، ( و ) الثالث أنه ( يملك بيع الولد والأرش و ) الرابع ( إذا باع بخلاف جنس الدين كان له أن يصرفه إلى جنسه ) أي الدين ، بخلاف الوكالة المفردة ( و ) الخامس ( إذا كان عبدا وقتله عبد خطأ فدفع - [ ص: 505 ] بالجناية كان له بيعه ، بخلاف المفردة ) متعلق بالجميع ( وله بيعه في غيبة ورثته ) أي ورثة الراهن ( كما كان له حال حياته البيع بغير حضرته ) أي حضرة الراهن وتبطل الوكالة ( بموت الوكيل مطلقا ) وعن الثاني أن وصيه يخلفه لكنه خلاف جواب الأصل .

التالي السابق


( قوله عند حلول الأجل ) أو مطلقا كما في القهستاني والدر المنتقى .

وفي الخانية : فلو لم يقل عند حلول الأجل فللعدل بيعه قبله ( قوله صح توكيله ) أي ولو لم يقبض العدل الرهن حتى حل الأجل وإن بطل الرهن كما مر قوله فإن شرطت الوكالة أفاد أن الرضا ببيعه ليس بلازم في العدل كما قدمناه عن سعدي ( قوله لم ينعزل بعزله ) أي بعزل الراهن إلا إذا رضي المرتهن بذلك إتقاني وأطلق في العزل فشمل [ ص: 504 ] ما لو وكله بالبيع مطلقا ثم نهاه عن البيع بالنسيئة لم يعمل نهيه لأنه لازم بأصله فكذا بوصفه كما في الهداية ( قوله ولا بموت الراهن ) أي لا بالعزل الحكمي كموت الموكل وارتداده ولحوقه بدار الحرب ، لأن الرهن لا يبطل بموته لتقدم حق المرتهن على حق الورثة زيلعي ( قوله ولا المرتهن ) إلا أن يكون وكيلا ط ، وسيأتي في قوله وتبطل بموت الوكيل مطلقا ( قوله للزومها بلزوم العقد ) لأنها لما شرطت في ضمن عقد الرهن صارت وصفا من أوصافه وحقا من حقوقه ، ألا ترى أن عقد الوكالة لزيادة الوثيقة فيلزم بلزوم أصله ، وتمامه في الهداية ( قوله فهي تخالف الوكالة المفردة ) أي التي لم تذكر في ضمن عقد الرهن .

ويستثنى الوكالة بالخصومة بطلب المدعي إذا غاب الموكل ، وكذا لو خاف من له الخيار أن يغيب الآخر فيأخذ وكيلا ليرد عليه فلا ينعزل بعزله أفاده الرحمتي ، وكذا الوكيل بالأمر باليد كما مر في بابا عزل الوكيل ( قوله من وجوه ) ذكر منها هنا خمسة .

ومنها ما في النهاية أن العدل إذا ارتد والعياذ بالله تعالى وحكم بلحاقه ثم عاد مسلما يعود وكيلا ، بخلاف المفرد على قول أبي يوسف حيث لا يعود ( قوله يجبر على البيع إلخ ) أي لو غاب الراهن وحل الأجل وامتنع الوكيل عن البيع يجبر ويأتي بيانه قريبا ( قوله وكذا لو شرطت إلخ ) عبارة الزيلعي في شرح قوله وإن باعه العدل فتكون الوكالة غير المشروطة في العقد كالمشروطة فيه في حق جميع ما ذكرنا من الأحكام ( قوله زيلعي ) أي صرح بالتصحيح الزيلعي في شرح قوله فإن حل الأجل ، وكذا صرح به في الملتقى ، وكذا في الهداية وقال فيها : ويؤيده إطلاق الجواب في الجامع الصغير وفي الأصل ا هـ وأقره الشراح ( قوله وإن صححها قاضي خان ) أنث الضمير مع أنه عائد إلى ظاهر الروايات لاكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه ، ثم إن نسبة ذلك إلى قاضي خان عجيبة ولعله سبق قلم من القهستاني ومن تبعه ، فإن الذي في الخانية هكذا : ولو لم يكن البيع شرطا في عقد الرهن ثم سلط المرتهن أو العدل على البيع صح التوكيل ، وللراهن أن يفسخ هذه الوكالة ويمنعه عن البيع ، ولو مات الراهن تبطل الوكالة وليس للمرتهن أن يطالب العدل بالبيع في هذا الوجه .

وعن أبي يوسف : أن الوكالة لا تبطل كالمشروطة في العقد وهو الصحيح ا هـ .

وفي الخانية أيضا : رجل رهن شيئا ووضعه على يدي عدل وسلط العدل على البيع ثم غاب الراهن فالعدل يجبر على البيع ، قيل هذا إذا كان البيع مشروطا في عقد الرهن ، وقيل بأنه يجبر على كل حال وهو الصحيح ا هـ بحروفه ، وكذا صحح الجبر على كل حال في شرحه على الجامع الصغير كما في النهاية ، ولم أر من صحح خلاف هذه الرواية .

وفي المعراج : وقال شيخ الإسلام وفخر الإسلام وقاضي خان : هذه الرواية أصح ( قوله إنه يملك بيع الولد والأرش ) أي ولد المرهون وأرشه فيما لو جنى عليه أحد فدفع أرش الجناية عروضا مثلا فللوكيل هنا بيع ذلك لما سيذكره المصنف في فصل المتفرقات ، أي نماء الرهن للراهن وأنه رهن مع الأصل ، والوكيل المفرد لا يملك ذلك ( قوله كان له أن يصرفه إلى جنسه ) لأنه مأمور بقضاء الدين وجعل الثمن من جنس الدين من ضروراته ، بخلاف الوكيل المفرد فإنه كما باع انتهت وكالته إتقاني ( قوله إذا كان ) أي المرهون ( قوله فدفع ) أي العبد [ ص: 505 ] القاتل ( قوله كان له بيعه ) لأنه صار هو الرهن لقيامه ( قوله وله بيعه ) أي للوكيل المذكور سواء كان للمرتهن أو العدل أو غيرهما بيع الرهن بغيبة الورثة لأنه لم ينعزل بموت الراهن كما مر .

قال ط : وكذا بغيبة ورثة المرتهن ا هـ أي لو كان الوكيل غيره .

بقي ما إذا لم يكن وكيل بالبيع ومات الراهن وسيذكره المصنف آخر الباب الآتي ( قوله وتبطل الوكالة بموت الوكيل ) يعني والرهن باق لأن الرهن لو كان في يد المرتهن فمات لم يبطل العقد به فلأن لا يبطل بموت العدل أولى عناية ، ولم يذكر ما يفعل به بعد موت العدل وبطلان وكالته .

وفي الولوالجية والظهيرية وغيرهما ولو مات العدل يوضع على يد آخر عن تراض : فإن اختلفا وضعه القاضي على يد عدل آخر ، وليس للعدل الثاني أن يبيع الرهن وإن كان الأول مسلطا على البيع إلا أن يموت الراهن لأن القاضي يتولى قضاء ديونه ا هـ ( قوله مطلقا ) أي سواء أكان مرتهنا أو عدلا أو غيرهما ، ولا يقوم وارثه ولا وصيه مقامه لأن الوكالة لا يجري فيها الإرث ولأن الموكل رضي برأيه لا رأي غيره درر ( قوله وعن الثاني إلخ ) لو أخره بعد قوله ولو أوصى إلى آخر ببيعه لم يصح لكان أنسب ط ( قوله لكنه خلاف جواب الأصل ) كذا ذكره القهستاني ، والمراد بالأصل مبسوط الإمام محمد ، وظاهره أن الإمام محمدا ذكر في أصله جواب أبي يوسف كقولهما ط




الخدمات العلمية