الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن أوصى لأقاربه أو لذي قرابته ) كذا النسخ . [ ص: 686 ] قلت : صوابه لذوي ( أو لأرحامه أو لأنسابه فهي للأقرب فالأقرب من كل ذي رحم محرم منه ، ولا يدخل الوالدان ) قيل من قال للوالد قريب فهو عاق ( والولد ) ولو ممنوعين بكفر أو رق كما يفيده عموم قوله ( والوارث ) وأما الجد وولد الوالد فيدخل في ظاهر الرواية ، وقيل لا واختاره في الاختيار [ ص: 687 ] ( ويكون للاثنين فصاعدا ) يعني : أقل الجمع في الوصية اثنان كما في الميراث ( فإن كان له ) للموصي ( عمان وخالان فهي لعميه ) كالإرث ، وقالا أرباعا .

( ولو له عم وخالان كان له النصف ولهما النصف ) وقالا أثلاثا ( ولو عم واحد لا غير فله نصفها ويرد النصف ) الآخر ( إلى الورثة ) لعدم من يستحقه ( ولو عم وعمة استويا ) لاستواء قرابتهما ( ولو انعدم المحرم بطلت ) خلافا لهما ( ولولد فلان ) فهي ( للذكر والأنثى سواء ) لأن اسم الولد يعم الكل حتى الحمل .

ولا يدخل ولد ابن مع ولد صلب ، فلو له بنات لصلبه وبنو ابن فهي للبنات عملا بالحقيقة ، فلو تعذرت صرف إلى المجاز تحرزا عن التعطيل ، ولا يدخل أولاد البنات : وعن محمد يدخلون اختيار ( ولورثة فلان للذكر مثل حظ الأنثيين ) لأنه اعتبر الوراثة

التالي السابق


( قوله : وإن أوصى لأقاربه إلخ ) زاد في الملتقى وأقربائه وذوي أرحامه ( قوله : كذا النسخ ) وكذا في الكنز والغرر والإصلاح

[ ص: 686 ] قوله : قلت صوابه لذوي ) أي بالجمع كما عبر في الملتقى ، لأنه إذا أوصى لذي قرابته ، وله عم واحد وخالان فالكل للعم لأنه لفظ مفرد فيحرز الواحد جميع الوصية ; إذ هو الأقرب زيلعي . وفي غرر الأفكار : إذا قال لقرابته أو لذي قرابته أو لذي نسبه فالمنفرد يستحق كل الوصية عند الكل ا هـ ( قوله : أو لأنسابه ) استشكله الزيلعي بأنه جمع نسب . وفيه : لا يدخل قرابته من جهة الأم فكيف دخلوا فيه هنا ا هـ . وأجاب الشلبي بأن المراد بأنسابه حقيقة النسبة وهي ثابتة من الأم كالأب . أقول : وفيهم أنهم اعتبروا في أهل نسبه النسب من جهة الآباء كما مر ، فما الفرق بينهما ؟ ( قوله : فهي للأقرب فالأقرب إلخ ) حاصله أن الإمام اعتبر خمس شرائط : وهي كونه ذا رحم محرم ، واثنين فصاعدا ، ومما سوى الوالد والولد ، وممن لا يرث والأقرب فالأقرب . وقالا : كل من يجمعه وأباه أقصى أب في الإسلام . وخالفاه في شرطين : المحرمية والقرب ، فيكفي عندهما الرحم بلا محرمية ، ويستوي الأقرب والأبعد . اتفقوا على اعتبار الاثنين فصاعدا لأنه اسم جمع والمثنى كالجمع ، وأن لا يكون وارثا ولا والدا أو ولدا أتقاني عن المختلف ملخصا ، لكن قال الزيلعي : ويستوي الحر والعبد والمسلم والكافر والصغير والكبير والذكر والأنثى على المذهبين ، وإنما يكون للاثنين فصاعدا عنده ا هـ ونقل نحوه في السعدية عن الكافي . ثم قال : وهذا مخالف لقول محمد في الوصية لأمهات أولاده الثلاث وللفقراء والمساكين حيث اعتبر فيه الجمعية ولم يعتبر ههنا ا هـ . قلت : وعلى الأول لا مخالفة وكأنهما روايتان تأمل ، ثم رأيت القولين في الحقائق والقهستاني . هذا وقول الإمام هو الصحيح كما في تصحيح القدوري والدر المنتقى .

[ تنبيه ]

قال في غرر الأفكار وشرح المجمع عن الحقائق : إذا ذكر مع هذه الألفاظ الأقرب فالأقرب لا يعتبر الجمع اتفاقا لأن الأقرب اسم فرد خرج تفسيرا للأول ، ويدخل فيه المحرم وغيره ولكن يقدم الأقرب لصريح شرطه ا هـ ونقله في الشرنبلالية والاختيار أيضا . قلت : وهي حادثة الفتوى سنة ثلاثين ومائتين وألف فيمن أوصى لأرحامه الأقرب فالأقرب منهم فأفتيت بشموله لغير المحارم كما هو صريح هذا النقل ( قوله : قيل إلخ ) قال في المعراج : وفي الخبر " { من سمى والده قريبا عقه } " وقد عطف الله تعالى الأقربين على الوالدين في قوله تعالى - { الوصية للوالدين والأقربين } - ويعطف الشيء على غيره حقيقة ، فعرف أن القريب في لسان الناس من يتقرب إلى غيره بواسطة كذا في المبسوط ا هـ أي والوالدان والولد يتقربان ، بأنفسهم لا بواسطة ( قوله : ولو ممنوعين ) بصيغة الجمع ط ( قوله : كما يفيده عموم قوله : والوارث ) أي يفيد عدم دخولهم ولو ممنوعين ; لأنه لو كانت العلة فيه كونهم وارثين لما احتيج إلى التنصيص على عدم دخولهم ; إذ هم يخرجون بقوله والوارث لأنه يشملهم بعمومه ، فلما لم يكتف بذلك ونص على إخراجهم علمنا أنه أراد أنهم لا يدخلون سواء كانوا وارثين أو ممنوعين فافهم ( قوله : والوارث ) عللوه بقوله عليه الصلاة والسلام { لا وصية لوارث } وبهذا يتجه ما بحثه بعضهم من أن هذا فيما لو أوصى لأقارب نفسه .

أما لو أوصى لأقارب فلان ينبغي أن لا يخرج الوارث ( قوله : فيدخل ) الأولى فيدخلان ط ( قوله : واختاره في الاختيار ) حيث اقتصر عليه ، وعلله بأن القريب لغة : من يتقرب إلى غيره بواسطة غيره ، وتكون الجزئية بينهما منعدمة . ونقل [ ص: 687 ] أبو السعود عن العلامة قاسم عن البدائع أنه هو الصحيح ، ثم قال : لكن في شرح الحموي بخطه أن الدخول هو الأصح ا هـ . قلت : وعبارة متن المواهب وأدخل أي محمد الجد والحفدة وهو الظاهر عنهما ا هـ والحفدة جمع حافد : ولد الولد ، ومثل الجد الجدة كما في المجمع ( قوله : ويكون للاثنين ) أي في التعبير بالجمع ، بخلاف ما إذا قال لذي قرابته كما قدمناه أفاده ط ( قوله : يعني أقل الجمع ) الأوضح أن يقول لأن أقل الجمع ط .

( قوله : فهي لعميه ) لأنهما أقرب من الخالين لأن قرابتهما من جهة الأب ، والإنسان ينسب إلى أبيه ، ألا ترى أن الولاية للعم دون الخال في النكاح فثبت أنهما أقرب من طريق الحكم أتقاني ، وهذا حيث كان الوارث غيرهما ، وكذا يقال فيما بعده ، وهو ظاهر ( قوله وقالا أرباعا ) لعدم اعتبارهما الأقربية كما مر ( قوله : ولهما النصف ) لأن العم الواحد لا يقع عليه اسم الجماعة فلا يستوجب الجميع ، فإذا دفع إليه النصف ، وبقي النصف صرف إلى الخالين لأنهما أقرب إليه بعد العم فيجعل في النصف الباقي كأنه لم يترك إلا الخالين أتقاني ( قوله : لعدم من يستحقه ) إذ لا بد من اعتبار الجمع أتقاني . وعندهما له جميع الثلث غرر الأفكار وهو مبني ما مر عن الزيلعي والكافي تأمل ، ( قوله : يعم الكل ) لأنه اسم لجنس المولود ذكرا أو أنثى واحدا أو أكثر اختيار ( قوله : حتى الحمل ) تقييده بما إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية لتحقق وجوده عندها كما ذكروا ذلك في الوصية للحمل ط .

( قوله : ولا يدخل ولد ابن مع ولد صلب ) هذا إذا كان فلان أبا خاصا ، فلو كان فخذا فأولاد الأولاد يدخلون تحت الوصية حال قيام ولد الصلب عناية ، وتمامه في المنح ( قوله : لأنه اعتبر الوراثة ) أي والوراثة بين الأولاد والأخوات كذلك ولأن التنصيص على الاسم المشتق يدل على أن الحكم يترتب على مأخذ الاشتقاق فكانت الوراثة هي العلة زيلعي ، وظاهره أن قوله - { للذكر مثل حظ الأنثيين } - ليس عاما في جميع الورثة بل خاص بالأولاد والإخوة والأخوات ، وفي غيرهم يقسم على قدر فروضهم وهو المذكور في الإسعاف والخصاف في مسائل الأوقاف والوصية أخت الوقف




الخدمات العلمية