الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن رمى صيدا فلم يثخنه فرماه آخر فقتله فهو للثاني وحل ، وإن أثخنه ) الأول بأن أخرجه [ ص: 474 ] عن حيز الامتناع وفيه من الحياة ما يعيش ( ف ) الصيد ( للأول وحرم ) لقدرته على ذكاة الاختيار ، فصار قائلا له فيحرم ( وضمن الثاني للأول قيمته ) كلها وقت إتلافه ( غير ما نقصته جراحته )

التالي السابق


( قوله فلم يثخنه ) قال في المغرب : أثخنته الجراحات أوهنته وأضعفته . وفي التنزيل - { حتى يثخن في الأرض } - أي يكثر فيها القتل ( قوله فهو للثاني ) لأنه هو الآخذ له ( قوله وحل ) لأنه لما لم يخرج بالأول عن حيز الامتناع كان ذكاته ذكاة الاضطرار وهو الجرح : أي موضع [ ص: 474 ] كان وقد وجد زيلعي ( قوله وفيه من الحياة ما يعيش ) أي ينجو منه . أما إذا كان بحال لا يسلم منه ، بأن لا يبقى فيه من الحياة إلا بقدر ما يبقى في المذبوح ، كما إذا أبان رأسه يحل لأن وجوده كعدمه ، وإن كان بحال لا يعيش منه إلا أن فيه أكثر مما في المذبوح بأن كان يعيش يوما أو دونه ، فعند أبي يوسف لا يحرم بالرمية الثانية إذ لا عبرة بهذه الحياة عنده ، وعند محمد يحرم لأنها معتبرة عنده زيلعي ملخصا ( قوله لقدرته على ذكاة الاختيار ) أي بسبب خروجه عن حيز الامتناع فصار كالرمي إلى الشاة ، أفاده في البدائع ( قوله وضمن الثاني للأول قيمته إلخ ) لأنه أتلف صيدا مملوكا للغير ، لأنه ملكه بالإثخان فيلزمه قيمة ما أتلف وقيمته وقت إتلافه كان ناقصا بجراحة الأول فيلزمه ذلك . بيانه أن الرامي الأول إذا رمى صيدا يساوي عشرة فنقصه درهمين ثم رماه الثاني درهمين ثم مات يضمن الثاني ثمانية ويسقط عنه من قيمته درهمان ، لأن ذلك تلف بجراحة الأول زيلعي . وفرض المصنف المسألة فيما إذا علم أن القتل حصل بالثاني ، فإن علم أنه حصل من الجراحتين أو لا يدرى فظاهر الهداية أن الحكم في الضمان يختلف وحقق الزيلعي عدم الفرق فراجعه . [ تتمة ]

بقي لو رمياه معا فأصابه أحدهما قبل الآخر فأثخنه ثم أصابه الآخر أو رماه أحدهما أولا ثم رماه الثاني قبل أن يصيبه الأول أو بعدما أصابه قبل أن يثخنه فأصابه الأول وأثخنه أو أثخنه ثم أصابه الثاني فقتله فهو للأول ويؤكل خلافا لزفر . ولو رمياه معا وأصابا معا فمات منهما فهو بينهما ، والكلب في هذا كالسهم حتى يملكه بإثخانه ، ولا يعتبر إمساكه بدون الإثخان ، حتى لو أرسل بازيه فأمسك الصيد بمخلبه ولم يثخنه فأرسل آخر بازيه فقتله فهو للثاني ويحل لأن يد البازي الأول ليست بيد حافظة لتقام مقام يد المالك ، ولو رمى سهما فأثخنه ثم رماه ثانيا فقتله حرم ، وتمامه في الزيلعي ولو أرسل كلبين على صيد فضربه أحدهما فوقذه ثم ضربه الآخر فقتله يؤكل بدائع




الخدمات العلمية