الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) ضمن ( بإيداعه ) وإعارته وإجارته واستخدامه ( وتعديه كل قيمته ) فيسقط الدين بقدره ( وكذا ) يضمن ( كل قيمته بجعل خاتم الرهن في خنصره ) سواء جعل فصه لبطن كفه أو لا ، وبه يفتى برجندي ( اليسرى [ ص: 486 ] أو اليمنى ) على ما اختاره الرضي لكن قدمنا في الحظر عن البرجندي هنا أنه شعار الروافض وأنه يجب التحرز عنه فتنبه .

قلت : ولكن جرت العادة في زماننا بلبسه كذلك فينبغي لزوم الضمان قياسا على مسألة السيف الآتية فليحرر لا يجعله في أصبع أخرى إلا إذا كان المرتهن امرأة فتضمن لأن النساء يلبسن كذلك فيكون استعمالا لا حفظا ابن كمال معزيا للزيلعي ( و ) مثله ( تقلد سيفي الرهن لا الثلاثة ) فإن الشجعان يتقلدون في العادة بسيفين لا الثلاثة ( و ) في ( لبس خاتمه ) أي خاتم الرهن ( فوق آخر يرجع إلى العادة ) فإن كان ممن يتجمل بلبس خاتمين ضمن وإلا كان حافظا فلا يضمن ( ثم إن قضى بها ) أي بالقيمة المذكورة ( من جنس الدين يلتقيان قصاصا بمجرده ) أي بمجرد القضاء بالقيمة ( إذا كان الدين حالا وطالب ) المرتهن ( الراهن بالفضل إن كان ) ثمة فضل ( وإن ) كان الدين ( مؤجلا يضمن المرتهن قيمته وتكون رهنا عنده ، فإذا حل الأجل أخذه بدينه وإن قضى بالقيمة من خلاف جنسه كان الضمان رهنا عنده إلى قضاء دينه ) لأنه بدل الرهن فأخذ حكمه .

التالي السابق


( قوله وضمن إلخ ) مفعوله قوله : الآتي كل قيمته فهو ضمان الغصب لا ضمان الرهن ، والمراد أنه يضمن بهذه الأشياء إذا هلك بسببها ، وكل فعل يغرم به المودع يغرم به المرتهن وما لا فلا ، إلا أن الوديعة لا تضمن بالتلف كما في جامع الفصولين وفيه : لو خالف ثم عاد فهو رهن على حاله ، فلو ادعى الوفاق وكذبه راهنه صدق راهنه لأنه أقر بسبب الضمان .

[ تنبيه ] لو مات المرتهن مستردا يضمن كما في الخيرية وغيرها . ( قوله وتعديه ) عطف عام على خاص أي كالقراءة والبيع واللبس والركوب والسكنى بلا إذن قهستاني ( قوله كل قيمته ) أي بالغة ما بلغت لأنه صار غاصبا إتقاني .

وفي الهداية لأن الزيادة على مقدار الدين أمانة والأمانات تضمن بالتعدي ( قوله فيسقط الدين بقدره ) [ ص: 486 ] أي يسقط الدين جميعه حالة كونه بقدر ما ضمن وإلا رجع كل منهما على صاحبه بما فضل وكان الأولى حذف ذلك لأن فيه تفصيلا يأتي في المتن قريبا ( قوله على ما اختاره الرضي ) أقول : الذي في البزازية وغيرها أنه اختاره السرخسي ، وكأن ما هنا من تحريف النساخ إذا لم يشتهر هذا الاسم على أحد من أئمتنا فيما أعلم تأمل ( قوله لكن قدمنا في الحظر عن البرجندي هنا ) أي عن شرح البرجندي في هذا المحل ، وهو كتاب الرهن .

ثم إن الذي قدمه في الحظر لم يعزه إلى البرجندي ، نعم عزاه إليه في الدر المنتقى حيث قال : كذا نقله البرجندي في الرهن عن كشف البزدوي ا هـ .

وفي بعض النسخ بدل لفظ فيها فقال ط : أي في اليمين ( قوله إنه ) أي إن جعله في اليمين ( قوله قلت ولكن إلخ ) هذا معنى ما قدمه في الحظر أن ذاك الشعار كان وبان ، وقدمنا هناك أن الحق التسوية بين اليمين واليسار لثبوت كل منهما عن سيد الأخيار صلى الله عليه وسلم .

ثم إن هذا استدراك على الاستدراك ، فهو تأييد لما في المتن من التسوية بينهما بناء على أنه يلبس في كل منهما فهو استعمال لا حفظ فلذا يضمن وعلى هذا فقوله فينبغي إلخ لا حاجة إليه لأنه عين ما في المتن وهو المصرح به في الهداية وغيرها فلا حاجة إلى إثباته بالبحث والقياس الذي ليسا أهلا له ( قوله لا يجعله إلخ ) عطف على قول المصنف بجعل خاتم الرهن في خنصره أي لا يضمن بجعله في غير الخنصر .

والأصل في هذا أن المرتهن مأذون بالحفظ دون الاستعمال ، فجعل الخاتم في الخنصر استعمال موجب للضمان وفي غيرها حفظ لا لبس لأنه لا يقصد في العادة فلا يضمن ، وكذلك الطيلسان إن لبسه كما تلبس الطيالسة ضمن لأنه استعمال وإلا كان وضعه على عاتقه ، فلا لأنه حفظ ، ثم المراد بعدم الضمان فيما يعد حفظا لا استعمالا أنه لا يضمن ضمان الغصب لا أنه لا يضمن أصلا لأنه مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين كما صرح به في شرح الطحاوي إتقاني ملخصا ( قوله فإن الشجعان إلخ ) كذا في الهداية والتبيين ، وظاهره لزوم الضمان وإن لم يكن المرتهن من الشجعان مع أنهم في لبس الخاتم اعتبروا حال المرتهن نفسه ، والظاهر أن المراد هنا ما إذا كان منهم بدليل قول قاضي خان وغيره وفي السيفين إذا كان المرتهن يتقلد بسيفين لأنه استعمال ا هـ فقد نظر إلى حال المرتهن كما في الخاتم وبحمل ما هنا عليه تندفع المنافاة فافهم . ( قوله لا الثلاثة ) فيكون حفظا لا استعمالا فلا يضمن ( قوله وفي لبس خاتمه إلخ ) وكذا لو رهنه خاتمين فلبس خاتما فوق خاتم زيلعي ( قوله يرجع إلى العادة ) أي عادة المرتهن وإن خالفت عادة غيره كما يؤخذ مما بعده ( قوله ثم إن قضى بها إلخ ) تفصيل وبيان لما أجمله سابقا ( قوله أي بالقيمة المذكورة ) أي في قوله كل قيمته ( قوله من جنس الدين ) والدراهم والدنانير جنسان مختلفان كما يستفاد من شرح الحموي أبو السعود ، قال ط : وبه صرح في المعدن مكي ا هـ ( قوله وطالب المرتهن الراهن بالفضل ) [ ص: 487 ] أي بما زاد من الدين على ما ضمنه ولو الدين أقل طالب الراهن المرتهن بالفضل ، فلو قال كما في الزيلعي : وطالب كل واحد منهما صاحبه بالفضل لكان أشمل




الخدمات العلمية