الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
القسم الثالث : ما يكون ضروريا في حق بعض الناس دون البعض كالكتاب مثلا في حق العالم لأنه مضطر إليه فيحبه فيغضب على من يحرقه ويغرقه ، وكذلك أدوات الصناعات ، في حق المكتسب الذي لا يمكنه التوصل إلى القوت إلا بها فإنما ، هو وسيلة إلى الضروري والمحبوب يصير ضروريا ، ومحبوبا ، وهذا يختلف بالأشخاص ، وإنما الحب الضروري ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها .

التالي السابق


(القسم الثالث: ما يكون ضروريا في حق بعض الناس دون البعض كالكتاب) مثلا (للعالم) ، فإنه مضطر إليه في مطالعته (فيحبه) محبة الدينار، والدرهم عند غيره، بل أعظم، ومن هذا قول بعضهم:


فمحبوبي من الدنيا كتابي وهل أبصرت محبوبا يعار

(فيغضب على من يخرقه، ويمزقه) ، أو يمحيه، أو يوسخ ورقه، أو يكب عليه شيئا من الأدهان، (وكذلك أدوات الصناعات، وآلاتها في حق المكتسب الذي لا يمكنه التوصل إلى القوت إلا بها، فإن ما هو وسيلة إلى الضروري المحبوب يصير ضروريا، ومحبوبا، وهذا يختلف بالأشخاص، وإنما الحب الضروري ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: من أصبح آمنا في سربه) بكسر السين المهملة على الأشهر، أي: نفسه، وروي بفتحها، أي: في مسلكه، وقيل: بفتحتين، أي: في منزله (معافى في بدنه) ، وفي رواية .

في جسده، أي: صحيحا بدنه (وله) ، وفي رواية: وعنده (قوت يومه) ، أي: غداؤه، وعشاؤه، والذي يحتاج إليه في يومه ذلك، (فإنما حيزت) بكسر الحاء (له الدنيا) ، أي: ضمت، وجمعت (بحذافيرها) ، أي: بأسرها، والمعنى: من جمع الله له بين عافية بدنه، وأمن قلبه حيث توجه، وكفاف عيشه بقوت يومه، وسلامة أهله، فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها، فينبغي أن لا يشتغل يومه ذلك إلا بشكره; بأن يستغرقه في طاعة المنعم لا في معصيته، ولا يفتر عن ذكره، وإليه أشار بعضهم بقوله:


إذا ما القوت يأتي لك والصحة، والأمن وأصبحت أخا حزن فلا فارقك الحزن

قال العراقي: رواه الترمذي، وابن ماجه من حديث عبيد الله بن محصن دون قوله: بحذافيرها، قال الترمذي: حسن غريب. ا ه .

قلت: ورواه كذلك البخاري في الأدب، والطبراني في الكبير، كلهم من طريق مروان الفزاري، عن عبد الرحمن بن أبي شميلة، عن سلمة بن عبيد الله بن محصن، عن أبيه مرفوعا به، قال ابن القطان: ولم يصححه الترمذي; لأن عبد الرحمن لا يعرف حاله، وفي الميزان، قال أحمد: سلمة لا أعرفه، وليته العقيلي، ثم ساق له الخبر، وقال: روي من حديث أبي الدرداء أيضا بإسناد لين، وعبد الله بن محصن الأنصاري، قال الترمذي: له صحبة، ووقع عند الباوردي عبيد بن محصن غير مضاف، وساق هذا الحديث، ووقع عند إبراهيم الحربي من هذا الوجه عبد الرحمن بن محصن.




الخدمات العلمية