الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن آثاره التلذذ بدوام الإقبال على الله تعالى ، والتنعم بمناجاته ، والتلطف في التملق له فإن هذه الأحوال لابد وأن تظهر على كل من يرجو ملكا من الملوك أو شخصا من الأشخاص ، فكيف لا يظهر ذلك في حق الله تعالى ، فإن كان لا يظهر فليستدل به على الحرمان عن مقام الرجاء ، والنزول في حضيض الغرور والتمني فهذا هو البيان لحال الرجاء ، ولما أثمره من العلم ، ولما استثمر منه من العمل ، ويدل على إثماره لهذه الأعمال حديث زيد الخيل إذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : جئت لأسألك عن علامة الله فيمن لا يريد ، وعلامته فيمن لا يريد ؟ فقال : كيف أصبحت ؟ قال : : أصبحت أحب الخير وأهله ، وإذا قدرت على شيء منه سارعت إليه ، وأيقنت بثوابه ، وإذا فاتني منه شيء حزنت عليه ، وحننت إليه ،

فقال : هذه علامة الله فيمن يريد ، ولو أرادك للأخرى هيأك لها ثم لا يبالي في أي أوديتها هلكت
فقد ذكر صلى الله عليه وسلم علامة من أريد به الخير فمن ارتجى أن يكون مرادا بالخير من غير هذه العلامات فهو مغرور

.

التالي السابق


(و) أما علاماته فهي ما تصدر (من آثاره) من (التلذذ بدوام الإقبال على الله تعالى، والتنعم بمناجاته، والتلطف في التملق له) عند الدعاء والسؤال؛ ولذلك ألحق الحليمي رحمه الله تعالى الدعاء بالرجاء، وذكر له أركانا وآدابا، وقد تقدم بيان ذلك تفصيلا في كتاب الدعوات، فليراجع من هناك. (فإن هذه الأحوال لابد وأن تظهر في كل من يرجو ملكا من الملوك أو شخصا من الأشخاص، فكيف لا يظهر ذلك في حق الله تعالى، فإن كان لا يظهر فليستدل به على الحرمان عن مقام الرجاء، والنزول في حضيض الغرور والتمني) فليستأنف التوبة والإقبال على العمل بالجد والاجتهاد حتى تظهر عليه تلك الأحوال .

(فهذا هو البيان) المفصح (لحال الرجاء، ولما أثمره من العلم، ولما استثمر منه من العمل، ويدل على إثماره لهذه الأعمال حديث زيد الخيل) بن مهلهل بن زيد بن منهب الطائي رضي الله عنه (إذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأسألك عن علامة الله فيمن يريد، وعلامته فيمن لا يريد؟ فقال: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أحب الخير وأهله، وإذا قدرت على شيء منه سارعت إليه، وأيقنت بثوابه، وإذا فاتني منه شيء حزنت عليه، وحننت إليه، فقال: هذه علامة الله فيمن يريد، ولو أرادك للأخرى هيأك لها ثم لا يبالي في أي أوديتها هلكت) . قال العراقي: رواه الطبراني في الكبير من حديث ابن مسعود بسند ضعيف، وفيه أنه قال له: أنت زيد الخير، وكذا قال ابن أبي حاتم: سماه النبي صلى الله عليه وسلم الخير، سمعت أبي يقول ذلك. اهـ .

قلت: ورواه ابن شاهين من طريق سنين مولى بني هاشم عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل راكب حتى أناخ، فقال: يا رسول الله إني أتيتك من مسيرة تسع أسألك عن خصلتين، فقال: ما اسمك؟ قال: أنا زيد الخيل، قال: بل أنت زيد الخير، سل؟ قال: أسألك عن علامة الله فيمن يريد، وعلامته فيمن لا يريد؟ فذكر الحديث بطوله، وأخرجه ابن عدي في ترجمة سنين وضعفه. (فقد ذكر صلى الله عليه وسلم علامة من أريد به الخير فمن ارتجى أن يكون مرادا بالخير من غير هذه العلامات فهو مغرور) في وادي الملامات، وبالله التوفيق .




الخدمات العلمية