الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فهذه هي الأسباب التي بها يجلب روح الرجاء إلى قلوب الخائفين والآيسين ، فأما الحمقى المغرورون فلا ينبغي أن يسمعوا شيئا من ذلك بل يسمعون ما سنورده في أسباب الخوف ، فإن أكثر الناس لا يصلح إلا على الخوف كالعبد السوء والصبي العرم : لا يستقيم إلا بالسوط والعصا ، وإظهار الخشونة في الكلام

وأما ضد ذلك فيسد عليهم باب الصلاح في الدين والدنيا

.

التالي السابق


ولنعد إلى شرح كلام المصنف، قال رحمه الله تعالى: (فهذه هي الأسباب التي بها يجلب روح الرجاء إلى قلوب الخائفين والآيسين، وأما الحمقى المغرورون فلا ينبغي أن يسمعوا شيئا من ذلك) فإنها تزيدهم اغترارا بالله (بل يسمعون ما سنورده في أسباب الخوف، فإن أكثر الناس لا يصلح إلا على الخوف كالعبد السوء والصبي العرم) أي: [ ص: 196 ] النشيط (لا يستقيم إلا بالسوط والعصا، وإظهار الخشونة في الكلام) . ولفظ القوت: وأكثر النفوس لا تصلح إلا على الخوف، كعبيد السوء لا يستقيمون إلا بالسوط والعصا، ويواجهون بالسيف صلتا. (وأما ضد ذلك فيسد عليهم باب الصلاح في الدنيا والدين) نسأله تعالى التوفيق .



( فصل)

في بيان لواحق الرجاء

اعلم أن من لواحق الرجاء الرغبة، ولنبسط الكلام في الرغبة. اعلم أنه لما كانت حقيقة الرجاء تعلق القلب بمأمول يحصل في الاستقبال بعد جريان أسبابه، كانت الرغبة استيلاء هذا الحال على الراجي، حتى كأنه يشاهد بها المأمول. فالرغبة كمال الرجاء، ومنتهى حقيقته، وهي تعلقه بضد كل ما يذكر من المخاوف في كتاب الخوف، ولا تزال مصحوبة لك ما دام لك حظ واختيار، فإذا ارتقيت عن ذلك بالفناء بالتوحيد فحينئذ لا رغبة ولا رهبة إلى أن ترجع إلى بشريتك وإنسانيتك؛ فافهم ذلك الكلام على البسط .

اعلم أن القلوب كما تنقبض بالخوف، تنبسط بروح الرجاء، وهذا يدل على فضيلة الرجاء على الخوف، كما سيأتي الكلام عليه؛ لأن القلوب إذا انبسطت انشرحت، واذا انشرحت انفتح لها طرق الهدى، قال الله تعالى: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ، فيهدي الله بذلك النور إلى حضرته، فيبقى مبسوطا لديه، مستورا حاله عن الخلق برداء العلم، وجلباب التقوى، فاعزز بهذا المقام ما أجله، وبالله التوفيق .




الخدمات العلمية