الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وذكر بعض العلماء في الإسرائيليات أن موسى عليه السلام : اعتل بعلة ، فدخل عليه بنو إسرائيل ، فعرفوا علته فقالوا له : لو تداويت بكذا لبرئت ، فقال : لا أتداوى حتى يعافيني هو من غير دواء فطالت علته فقالوا له: إن دواء هذه العلة معروف مجرب وإنا نتداوى به فنبرأ فقال لا أتداوى وأقامت علته ، فأوحى الله تعالى إليه : وعزتي وجلالي لا أبرأتك حتى تتداوى بما ذكروه لك ، فقال لهم : داووني بما ذكرتم فداووه فبرأ ، فأوجس في نفسه من ذلك ، فأوحى الله تعالى إليه : أردت أن تبطل حكمتي بتوكلك على ، من أودع العقاقير منافع الأشياء غيري ؟ وروي في خبر آخر أن نبيا من الأنبياء عليهم السلام شكا علة يجدها ، فأوحى الله تعالى إليه : كل البيض وشكا نبي آخر الضعف ، فأوحى الله تعالى إليه : كل اللحم باللبن ، فإن فيهما القوة ، قيل : هو الضعف عن الجماع وقد روي أن قوما شكوا إلى نبيهم قبح أولادهم ، فأوحى الله تعالى إليه مرهم أن يطعموا نساءهم الحبالى السفرجل ؛ فإنه يحسن الولد ويفعل ذلك في الشهر الثالث والرابع إذ فيه يصور الله تعالى الولد وقد كانوا يطعمون الحبلى السفرجل ، والنفساء الرطب ، فبهذا تبين أن مسبب الأسباب أجرى سنته بربط المسببات بالأسباب ؛ إظهارا للحكمة .

التالي السابق


(وذكر بعض العلماء في الإسرائيليات أن موسى -عليه السلام- اعتل) مرة (بعلة، فدخل عليه بنو إسرائيل، فعرفوا علته فقالوا له: لو تداويت بكذا لبرئت، فقال: لا أتداوى حتى يعافيني هو من غير علته، فأوحى الله تعالى إليه: وعزتي وجلالي لا أبرأتك حتى تتداوى بما ذكروه لك، فقال لهم: داووني بما ذكرتم) فداووه (فبرئ، فأوجس في نفسه من ذلك، فأوحى الله تعالى إليه: أردت أن تبطل حكمتي بتوكلك علي، من أودع العقاقير منافع الأشياء غيري؟) كذا في القوت، (وروي في خبر آخر أن نبيا من الأنبياء شكا) إلى الله تعالى (علة يجدها، فأوحى الله تعالى إليه: كل البيض) كذا في القوت، (وشكا نبي آخر) إلى الله تعالى (الضعف، فأوحى الله تعالى إليه: كل اللحم باللبن، فإن فيهما القوة، قيل: هو) ولفظ القوت: أحسبه (الضعف عن الجماع) ، وأظن في ذكر البيض شكا قلة الولد، فأمر به، وذكر وهب بن منبه أن ملكا من الملوك اعتل علة، وكان أحسن السيرة في رعيته، فأوحى الله إلى شعياء عليه السلام قل له: اشرب ماء التين؛ فإنه شفاء من علتك .

(وقد روي) أعجب من ذلك (أن قوما شكوا إلى نبيهم) -عليه السلام- (قيح أولادهم، فأوحى) الله تعالى (إليه مرهم أن تطعموا نساءهم الحبالى السفرجل؛ فإنه يحسن الولد و) قيل: (يفعل ذلك في الشهر الثالث والرابع) من حمل المرأة (إذ فيه يصور الله الولد) ، ولفظ القوت: لأن الولد يصور فيهما .

(وقد كانوا يطعمون الحبلى السفرجل، والنفساء الرطب، فبهذا يتبين أن مسبب الأسباب) جل اسمه (أجرى سنته بربط المسببات بالأسباب؛ إظهارا للحكمة) عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها .




الخدمات العلمية