الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( فإن ) ( مات المولي ) بكسر اللازم ( أو عزل المولى ) بفتحها ( مع صلاحيته ) : ( لم تبطل ولايته في أحد الوجهين ) . إذا مات المولي بكسر اللازم فهل ينعزل المولى ؟ فيه وجهان . أطلقهما المصنف هنا . وأطلقهما ابن منجا في شرحه .

أحدهما : لا ينعزل . وهو المذهب . صححه في الترغيب ، والنظم ، والتصحيح . وجزم به في الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم . وقدمه في المحرر ، والشرح ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . قال الشارح : والأولى إن شاء الله تعالى أنه لا ينعزل قولا واحدا . انتهى . قال الزركشي في " باب نكاح أهل الشرك " في مسألة نكاح المحرم : المشهور لا ينعزل بموته .

والوجه الثاني : ينعزل كما لو كان الميت ، أو العازل قاضيا . [ ص: 171 ] وقال في الرعاية ، إن قلنا : الحاكم نائب الشرع : لم ينعزل . وإن قلنا : هو نائب من ولاه : انعزل . وأما إذا عزل الإمام أو نائبه القاضي المولى مع صلاحيته فهل ينعزل ، وتبطل ولايته ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الشرح ، وشرح ابن منجا .

أحدهما : لا تبطل ولايته . ولا ينعزل . وهو الصحيح من المذهب . جزم به الأدمي في منتخبه . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والمحرر . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله .

والوجه الثاني : تبطل ولايته وينعزل . صححه في التصحيح ، والنظم . وإليه ميل المصنف ، والشارح ، وابن منجا في شرحه . وهو ظاهر ما جزم به في المنور . وجزم به في الوجيز . قال في الفروع : واختاره جماعة . قال المصنف في المغني : كالولي . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : كعقد وصي وناظر عقدا جائزا ، كوكالة وشركة ، ومضاربة . انتهى . ومنشأ الخلاف : أن القضاة هل هم نواب الإمام ، أوالمسلمين ؟ فيه وجهان معروفان ذكرهما في القواعد الفقهية ، وغيره .

أحدهما : هم نواب المسلمين . فعليه : لا ينعزلون بالعزل . واختاره ابن عقيل .

والثاني : هم نواب الإمام . فينعزلون بالعزل . [ ص: 172 ] فوائد الأولى : مثل ذلك في الحكم : كل عقد لمصلحة المسلمين ، كوال ، ومن ينصب لجباية مال وصرفه ، وأمير الجهاد ، ووكيل بيت المال والمحتسب . ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله . وقال في الفروع : وهو ظاهر كلام غيره . وقال أيضا في الكل : لا ينعزل بانعزال المستنيب وموته حتى يقوم غيره مقامه . وقال في الرعاية : في نائبه في الحكم وقيم الأيتام وناظر الوقف ونحوهم أوجه ثالثها : إن استخلفهم بإذن من ولاه ، وقيل : وقال استخلف عنك : انعزلوا انتهى . ولا يبطل ما فرضه فارض في المستقبل . وفيه احتمال .

التالي السابق


الخدمات العلمية