الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله ( وإن كان ممن لا يصلح : نقض أحكامه ) . هذا المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . نقل عبد الله : إن لم يكن عدلا ، لم يجز حكمه . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم . وقدمه في الرعايتين ، والشرح ، والنظم ، والحاوي الصغير ، والفروع وغيرهم . قال في تجريد العناية : هذا الأشهر . ويحتمل أن لا ينقض الصواب منها . واختاره المصنف ، وابن عبدوس في تذكرته ، والشيخ تقي الدين رحمهم الله وغيرهم . وجزم به في الوجيز ، والمنور . [ ص: 226 ] وقدمه في الترغيب . وهو ظاهر كلام الخرقي ، وأبي بكر ، وابن عقيل ، وابن البنا ، حيث أطلق : أنه لا ينقض من الحكم إلا ما خالف كتابا أو سنة أو إجماعا . قلت : وهو الصواب . وعليه عمل الناس من مدد . ولا يسع الناس غيره . وهو قول أبي حنيفة ، ومالك رحمهما الله . وأما إذا خالفت الصواب : فإنها تنقض بلا نزاع . قال في الرعاية : ولو ساغ فيها الاجتهاد . فائدتان

إحداهما : حكمه بالشيء حكم يلازمه . ذكره الأصحاب في المفقود . قال في الفروع : ويتوجه وجه . يعني : أن الحكم بالشيء لا يكون حكما بلازمه . وقال في الانتصار في لعان عبد ، في إعادة فاسق شهادته لا تقبل . لأن رده لها حكم بالرد فقبولها نقض له . فلا يجوز بخلاف رد صبي وعبد ، لإلغاء قولهما . وقال في الانتصار أيضا في شهادة في نكاح لو قبلت لم يكن نقضا للأول . فإن سبب الأول الفسق ، وزال ظاهرا ، لقبول سائر شهاداته . وإذا تغيرت صفة الواقعة فتغير القضاء بها : لم يكن نقضا للقضاء الأول ، بل ردت للتهمة . لأنه صار خصما فيه . فكأنه شهد لنفسه ، أو لوليه . وقال في المغني : رد شهادة الفاسق باجتهاده . فقبولها نقض له . وقال الإمام أحمد رحمه الله في رد عبد لأن الحكم قد مضى ، والمخالفة في قضية واحدة نقض مع العلم . [ ص: 227 ] وإن حكم ببينة خارج ، أو جهل علمه بينة داخل : لم ينقض . لأن الأصل جريه على العدل والصحة . ذكره المصنف في المغني في آخر فصول " من ادعى شيئا في يد غيره " . قال في الفروع : ويتوجه وجه ، يعني بنقضه .

الثانية : ثبوت الشيء عند الحاكم ليس حكما به . على ما ذكروه في صفة السجل وفي كتاب القاضي على ما يأتي . وكلام القاضي هناك يخالفه . قال ذلك في الفروع . وقد دل كلامه في الفروع في " باب كتاب القاضي إلى القاضي " أن في الثبوت خلافا : هل هو حكم أم لا ؟ بقوله في أوائل الباب : فإن حكم المالكي للخلاف في العمل بالخط : فلحنبلي تنفيذه . وإن لم يحكم المالكي ، بل قال " ثبت كذا " فكذلك . لأن الثبوت عند المالكي حكم . ثم إن رأى الحنبلي الثبوت حكما : نفذه . وإلا فالخلاف . ويأتي في آخر الباب الذي يليه : هل تنفيذ الحاكم حكم ، أم لا ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية