الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الخامسة : قوله ( ثم ينظر في أمر الأيتام والمجانين والوقوف ) . بلا نزاع . وكذا الوصايا . فلو نفذ الأول وصيته : لم يعد له ، لأن الظاهر معرفة أهليته . لكن يراعيه قال في الفروع : فدل أن إثبات صفة كعدالة وجرح وأهلية وصيه وغيرها حكم . خلافا لمالك رحمه الله ، يقبله حاكم خلافا لمالك . وأن له إثبات خلافه . وقد ذكر الأصحاب : أنه إذا بان فسق الشاهد : يعمل بعلمه في عدالته أو يحكم . وقال في الرعايتين هنا : وينظر في أموال الغياب . زاد في الرعاية الكبرى : وكل ضالة ولقطة ، حتى الإبل ونحوها . انتهى . وقد ذكر الأصحاب منهم : المصنف في هذا الكتاب في أواخر الباب الذي بعد هذا : إذا ادعى أن أباه مات عنه وعن أخ له غائب . وله مال في ذمة فلان ، أو دين عليه . وثبت ذلك : أنه يأخذ مال الغائب . على الصحيح من المذهب . ويدفع إلى الأخ الحاضر نصيبه . وتقدم في " باب ميراث المفقود " أن الشيخ تقي الدين رحمه الله قال : إذا حصل لأسير من وقف شيء : تسلمه ، وحفظه وكيله ومن ينتقل إليه جميعه . واقتصر عليه في الفروع .

السادسة : من كان من أمناء الحاكم للأطفال ، أو الوصايا التي لا وصي لها . ونحوه بحاله : أقره . لأن الذي قبله ولاه . ومن فسق : عزله . ويضم إلى الضعيف أمينا . وجزم به في المغني ، والشرح ، وغيرهما . [ ص: 223 ] وقدمه في الفروع ، وغيره . قال في الفروع : ويتوجه أنها . مسألة النائب . وجعل في الترغيب أمناء الأطفال كنائبه في الخلاف ، وأنه يضم إلى وصي فاسق أو ضعيف أمينا . وله إبداله .

تنبيه :

ظاهر قوله ( ثم ينظر في حال القاضي قبله ) . وجوب النظر في أحكام من قبله . لأنه عطفه على النظر في أمر الأيتام والمجانين والوقوف . وتابع في ذلك صاحب الهداية فيها وغيره . وهو ظاهر الوجيز ، وغيره . وقدمه في الرعاية الكبرى . وقيل : له النظر في ذلك من غير وجوب . وهو المذهب . قال في الفروع : وله في الأصح النظر في حال من قبله . قال الزركشي : وقوة كلام الخرقي تقتضي : أنه لا يجب عليه تتبع قضايا من قبله وهو ظاهر المحرر . وقدمه الزركشي . وجزم به في الشرح . وقيل : ليس له النظر في حال من قبله ألبتة . قوله ( فإن كان ممن يصلح للقضاء : لم ينقض من أحكامه ، إلا ما خالف نص كتاب أو سنة ) . كقتل المسلم بالكافر . نص عليه ، فيلزمه نقضه . نص عليه . إذا علمت ذلك ، فالصحيح من المذهب : أنه ينقض حكمه إذا خالف سنة ، سواء كانت متواترة أو آحادا . وعليه جماهير الأصحاب . [ ص: 224 ] وجزم به في الوجيز ، وغيره وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : لا ينقض حكمه إذا خالف سنة غير متواترة . قوله ( أو إجماعا ) . الإجماع إجماعان : إجماع قطعي ، وإجماع ظني . فإذا خالف حكمه إجماعا قطعيا : نقض حكمه قطعا . وإن لم يكن قطعيا : لم ينقض . على الصحيح من المذهب . قدمه في الرعاية الكبرى ، والفروع . وقيل : ينقض . وهو ظاهر كلام المصنف هنا ، وكلام الوجيز ، والشرح ، وغيرهم من الأصحاب .

تنبيه :

صرح المصنف : أنه لا ينقض الحكم إذا خالف القياس . وهو صحيح . وهو المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به أكثرهم . وقيل : ينقض إذا خالف قياسا جليا ، وفاقا لمالك والشافعي رحمهما الله . واختاره في الرعايتين . وقال : أو خالف حكم غيره قبله . قال : وكذا ينقض من حكم بفسقه ، وحاكم متول غيره . وقيل : إن خالف قياسا ، أو سنة ، أو إجماعا في حقوق الله تعالى كطلاق وعتق نقضه . وإن كان في حق آدمي : لم ينقضه إلا بطلب ربه . وجزم به في المجرد ، والمغني ، والشرح .

فائدة :

لو حكم بشاهد ويمين : لم ينقض . [ ص: 225 ] وذكره القرافي إجماعا . وينقض حكمه بما لم يعتقده ، وفاقا للأئمة الأربعة . وحكاه القرافي أيضا إجماعا . وقال في الإرشاد : وهل ينقض بمخالفة قول صاحب ؟ يتوجه نقضه إن جعل حجة كالنص ، وإلا فلا . قال في القاعدة الثامنة والستين : لو حكم في مسألة مختلف فيها بما يرى أن الحق في غيره : أثم وعصى بذلك . ولم ينقض حكمه ، إلا أن يكون مخالفا لنص صريح . ذكره ابن أبي موسى . وقال السامري : ينقض حكمه . نقل ابن الحكم : إن أخذ بقول صحابي ، وأخذ آخر بقول تابعي . فهذا يرد حكمه . لأنه حكم تجوز وتأول الخطأ . ونقل أبو طالب : فأما إذا أخطأ بلا تأويل ، فليرده . ويطلب صاحبه حتى يرده فيقضي بحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية