الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وهل يحلف المدعي " أنه لم يبرأ إليه منه ، ولا من شيء منه ؟ " على روايتين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، وشرح ابن منجا ، والهادي ، وغيرهم .

إحداهما : لا يحلف . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . قال في الفروع : اختاره الأكثر . قال المصنف ، والشارح : لم يستحلف في أشهر الروايتين . وقالا : هي ظاهر المذهب . وصححه في التصحيح ، والنظم . وجزم به ناظم المفردات . وهو من مفردات المذهب . وقدمه في الكافي والفروع ، وخلاف أبي الخطاب . ونصره . [ ص: 300 ] قال الزركشي : هي اختيار أبي الخطاب . والشريف ، والشيرازي ، وغيرهم .

والرواية الثانية : يستحلفه على بقاء حقه . قال في الخلاصة : حلفه مع بينته على الأصح . قال في الرعايتين : وحلف معها على الأصح على بقاء حقه . وجزم به في الوجيز ، والمنور . وهو ظاهر كلامه في منتخب الأدمي واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وقدمه في المحرر ، والحاوي الصغير . ومال إليه المصنف . ذكره عنه الشارح في " باب الدعاوى " عند قوله " وإن كان لأحدهما بينة حكم له بها " . فعلى الرواية الثانية : لا يتعرض في يمينه لصدق البينة ، على الصحيح من المذهب وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب . وقدمه في الفروع . وقال في الترغيب : لا يتعرض في يمينه لصدق البينة إن كانت كاملة . ويجب تعرضه إذا قام شاهدا وحلف معه . فوائد

الأولى : لا يمين مع بينة كاملة كمقر له إلا هنا . وعنه : بلى . فعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وعنه : يحلف مع ريبة في البينة . وتقدم في " باب الحجر " أنه إذا شهدت بينة بنفاد ماله : أنه يحلف معها على الصحيح من المذهب . [ ص: 301 ] وإذا شهدت بإعساره : أنه لا يحلف معها . على الصحيح من المذهب . ولنا وجه : أنه يحلف معها أيضا .

الثانية : قال في المحرر : ويختص اليمين بالمدعى عليه ، دون المدعي ، إلا في القسامة ودعاوى الأمناء المقبولة . وحيث يحكم باليمين مع الشاهد ، أو نقول بردها . وقاله في الرعاية ، وغيره . وقاله كثير من الأصحاب ، مفرقا في أماكنه . وتقدم بعض ذلك . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : أما دعاوى الأمناء المقبولة : فغير مستثناة . فيحلفون . وذلك : لأنهم أمناء لا ضمان عليهم إلا بتفريط أو عدوان . فإذا ادعى عليهم ذلك ، فأنكروه : فهم مدعى عليهم . واليمين على المدعى عليهم . انتهى . قلت : صرح المصنف وغيره في " باب الوكالة " أنه لو ادعى الوكيل الهلاك ونفى التفريط : قبل قوله مع يمينه . وكذا في المضاربة ، الوديعة ، وغيرهما . الثالثة : قوله ( ثم إذا قدم الغائب ، أو بلغ الصبي يعني : رشيدا أو أفاق المجنون : فهو على حجته ) . وهو صحيح . لكن لو جرح البينة بأمر بعد أداء الشهادة أو مطلقا : لم تقبل . لجواز كونه بعد الحكم . فلا يقدح فيه ، وإلا قبل .

التالي السابق


الخدمات العلمية