الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( فإذا حلف " لا يدخل دار فلان هذه " فدخلها . وقد صارت فضاء ، أو حماما ، أو مسجدا ، أو باعها . أو " لا لبست هذا القميص فجعله سراويل ، أو رداء ، أو عمامة ولبسه . أو " لا كلمت هذا الصبي " فصار شيخا ، أو " امرأة فلان " أو " صديقه فلانا " أو " غلامه سعدا " فطلقت الزوجة ، وزالت الصداقة ، وعتق العبد ، وكلمهم . أو " لا أكلت لحم هذا الحمل " فصار كبشا ، أو " لا أكلت هذا الرطب " فصار تمرا أو دبسا ) نص عليه ( أو خلا أو " لا أكلت هذا اللبن " فتغير ، أو عمل منه شيء فأكله : حنث في ذلك كله ) . وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال الزركشي : اختاره عامة الأصحاب . منهم ابن عقيل في التذكرة . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب . وهو أصح قال في الفروع بعد أن ذكر ذلك كله وغيره : إذا فعل ذلك ، ولا نية ولا سبب : حنث . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، وغيرهم . [ ص: 60 ] ويحتمل أن لا يحنث . واختاره ابن عقيل . واختار القاضي ، والمصنف ، والشارح : أنه لو حلف " لا أكلت هذه البيضة " فصارت فرخا ، أو " لا أكلت هذه الحنطة " فصارت زرعا ، فأكله : أنه لا يحنث . قالا : وعلى قياسه لو حلف " لا شربت هذا الخمر " فصار خلا . فاستثنوا هذه المسائل من أصل هذه القاعدة . قال الزركشي : وعن ابن عقيل : أنه طرد القول حتى في البيضة والزرع . قال الزركشي : ولعله أظهر . قلت : وهو المذهب كما تقدم .

فائدة : لو حلف " لا يدخل دار فلان " ولم يقل " هذه " أو " لا أكلت التمر الحديث " فعتق ، أو " الرجل الصحيح " فمرض ، أو " لا دخلت هذه السفينة " فنقضت ثم أعيدت ففعل : حنث بلا نزاع في ذلك ، إلا أن في السفينة احتمالا بعدم الحنث . وقوله ( فإن عدم ذلك ) يعني : النية ، وسبب اليمين ، وما هيجها والتعيين ( رجعنا إلى ما يتناوله الاسم ) . هذا المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والوجيز ، ومنتخب الأدمي وغيرهم . وقدمه في الفروع ، والرعايتين . وصححه في المحرر ، والنظم ، والحاوي ، وغيرهم . وقيل : يقدم ما يتناوله الاسم على التعيين ، وتقدم ذلك .

[ ص: 61 ] وتقدم كلام يوسف بن الجوزي : فإنه يقدم النية ، ثم السبب ، ثم مقتضى لفظه عرفا ، ثم لغة .

فائدة : الاسم يتناول العرفي ، والشرعي ، واللغوي . فيقدم اللفظ الشرعي والعرفي على اللغوي . على الصحيح من المذهب . جزم به في المحرر ، والنظم . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير . وقيل : عكسه . وقال ابن عبدوس في تذكرته : يقدم الاسم عرفا ، ثم شرعا ، ثم لغة . فأفادنا تقديم العرفي على الشرعي . وقدم ولد ابن الجوزي العرف ثم اللغة كما تقدم

التالي السابق


الخدمات العلمية