الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن كتب كتابا ، وأدرجه وختمه ، وقال " هذا كتابي إلى فلان اشهدا علي بما فيه " لم يصح ) . ( لأن الإمام أحمد رحمه الله قال : فيمن كتب وصية وختمها . ثم أشهد على ما فيها : فلا . حتى يعلم ما فيها ) . وهذا المذهب . قال المصنف هنا : والعمل عليه . وعليه جماهير الأصحاب . قال الزركشي : هذا المذهب المشهور . وهو مقتضى قول الخرقي . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . ويتخرج الجواز بقوله " إذا وجدت وصية الرجل مكتوبة عند رأسه من غير أن يكون أشهد أو أعلم بها أحدا عند موته ، وعرف خطه وكان مشهورا : فإنه ينفذ ما فيها " [ ص: 327 ] وهذا رواية مخرجة . خرجها الأصحاب واختار هذه الرواية المخرجة في الوصية : المصنف ، والشارح ، وصاحب الفائق ، وغيرهم . على ما تقدم من أول " كتاب الوصايا " . وعلى هذا : إذا عرف المكتوب إليه : أنه خط القاضي الكاتب وختمه : جاز قبوله . على الصحيح ، على هذا التخريج . وقدمه في الفروع ، والرعاية .

وقيل : لا يقبله ذكره في الرعاية . قال الزركشي : ظاهر هذا : أن على هذه الرواية : يشترط لقبول الكتاب أن يعرف المكتوب إليه أنه خط القاضي الكاتب وختمه . وفيه نظر . وأشكل منه : حكاية ابن حمدان قولا بالمنع . فإنه إذن تذهب فائدة الرواية . والذي ينبغي على هذه الرواية : أن لا يشترط شيئا من ذلك . وهو ظاهر كلام أبي البركات ، وأبي محمد في المغني . نعم . إذا قيل بهذه الرواية ، فهل يكتفي بالخط المجرد من غير شهادة ؟ فيه وجهان . حكاهما أبو البركات . وعلى هذا يحمل كلام ابن حمدان وغيره . انتهى . وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله : من عرف خطه بإقرار ، أو إنشاء ، أو عقد أو شهادة : عمل به كميت . فإن حضر ، وأنكر مضمونه : فكاعترافه بالصوت ، وإنكار مضمونه . [ ص: 328 ] وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله ، في كتاب أصدره إلى السلطان في مسألة الزيارة : وقد تنازع الفقهاء في كتاب الحاكم : هل يحتاج إلى شاهدين على لفظه ، أم إلى واحد ؟ أم يكتفي بالكتاب المختوم ؟ أم يقبل الكتاب بلا ختم ولا شاهد ؟ على أربعة أقوال معروفة في مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، وغيره . نقله ابن خطيب السلامية في تعليقته . وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله قولا في المذهب : أنه يحكم بخط شاهد ميت . وقال : الخط كاللفظ ، إذا عرف أنه خطه . وقال : إنه مذهب جمهور العلماء . وهو يعرف أن هذا خطه ، كما يعرف أن هذا صوته . واتفق العلماء على أنه يشهد على الشخص إذا عرف صوته مع إمكان الاشتباه وجوز الجمهور كالإمام مالك ، والإمام أحمد رحمهما الله تعالى الشهادة على الصوت من غير رؤية المشهود عليه . والشهادة على الخط : أضعف . لكن جوازه قوي ، أقوى من منعه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية