الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإذا اقتسما دارين قسمة تراض . فبنى أحدهما في نصيبه ، ثم خرجت الدار مستحقة ، ونقض بناؤه : رجع بنصف قيمته على شريكه ) . [ ص: 362 ] وقال في الهداية : قال شيخنا : يرجع على شريكه بنصف قيمة البناء واقتصر عليه . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، ومنتخب الأدمي ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم قال الشارح : هكذا ذكره الشريف أبو جعفر ، وحكاه أبو الخطاب عن القاضي . وجزم به الشارح ، ونصره . قال : هذه قسمة بمنزلة البيع . فإن الدارين لا يقسمان قسمة إجبار ، وإنما يقسمان بالتراضي فتكون جارية مجرى البيع . قال : وكذلك يخرج في كل قسمة جارية مجرى البيع . وهي قسمة التراضي كالتي فيه رد عوض ، وما لا يجبر على قسمته لضرر فيه . فأما قسمة الإجبار : إذا ظهر نصيب أحدهما مستحقا بعد البناء والغراس فيه : فنقض البناء وقلع الغراس .

فإن قلنا : القسمة بيع : فكذلك . وإن قلنا : ليست بيعا : لم يرجع به . هذا الذي يقتضيه قول الأصحاب . انتهى . وقال في القواعد : إذا اقتسما أرضا . فبنى أحدهما في نصيبه وغرس ، ثم استحقت الأرض فقلع غرسه وبناءه . فإن قلنا : هي إفراز حق : لم يرجع على شريكه . وإن قلنا : بيع : رجع عليه بقيمة النقص إذا كان عالما بالحال دونه . وقال : ذكره في المغني . ثم ذكر قول القاضي المتقدم . وقال في الفروع : وإن بنى أو غرس . فخرج مستحقا ، فقلع : رجع على شريكه بنصف قيمته في قسمة الإجبار . [ ص: 363 ] وإن قلنا : هي بيع كقسمة تراض ، وإلا فلا . وأطلق في التبصرة رجوعه . وفيه احتمال . انتهى . قال الناظم : وإن بان في الإجبار لم يغرم البنا ولا الغرس إذا هي ميز حق بأجود وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : إذا لم يرجع حيث لا يكون بيعا فلا يرجع بالأجرة ، ولا بنصف قيمة الولد في الغرور ، إذا اقتسما الجواري أعيانا . وعلى هذا : فالذي لم يستحق شيء من نصيبه يرجع الآخر عليه بما فوته عليه من المنفعة هذه المدة . وهنا احتمالات . أحدها : التسوية بين القسمة والبيع . الثاني : الفرق مطلقا . والثالث : إلحاق ما كان من القسمة بيعا بالبيع . قوله ( وإن خرج في نصيب أحدهما عيب : فله فسخ القسمة ) يعني : إذا كان جاهلا به . وله الإمساك مع الأرش . هذا المذهب . جزم به في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، ومنتخب الأدمي وغيرهم وقدمه في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي والفروع ، وغيرهم . ويحتمل أن تبطل القسمة . لأن التعديل فيها شرط ولم يوجد ، بخلاف البيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية