الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الوضوء من المذي

                                                                                                                                                                              ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيجابه الوضوء من المذي.

                                                                                                                                                                              20 - أخبرنا الربيع، عن الشافعي، قال: وأخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنا ابن وهب، قالا: أنا مالك، أن [ ص: 242 ] أبا النضر حدثه، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود، أن علي بن أبي طالب، أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحدنا إذا خرج منه المذي ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته وأنا أستحي أن أسأله، قال المقداد: فسألته فقال: "إذا وجد أحدكم ذلك فليغسل فرجه، وليتوضأ وضوءه للصلاة" .

                                                                                                                                                                              21 - حدثنا محمد بن إسماعيل، نا يحيى بن أبي بكير، قال: نا زائدة، عن أبي حصين الأسدي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي، قال: كنت رجلا مذاءا، وكانت عندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت رجلا فسأله، فقال: "توضأ واغسله" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد روينا عن عمر بن الخطاب، وعن عبد الله بن عباس، وعن عبد الله بن عمر، وجماعة من التابعين أنهم أوجبوا الوضوء من المذي، وبه قال مالك وأهل المدينة، والأوزاعي، وأهل الشام، وسفيان الثوري، وأهل العراق، وكذلك قال الشافعي وأصحابه، ولست أعلم في وجوب الوضوء منه اختلافا بين أهل العلم.

                                                                                                                                                                              [ ص: 243 ]

                                                                                                                                                                              22 - حدثنا علي بن الحسن، قال: نا عبد الله، عن سفيان، عن الأعمش، عن [ سليمان ] بن مسهر، عن خرشة بن الحر، أن عمر بن الخطاب، سئل عن المذي؟ فقال: "ذلك القطر وفيه الوضوء" .

                                                                                                                                                                              23 - حدثنا علي، قال: نا عبد الله، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن مورق، عن ابن عباس، أنه قال في المذي، والمني، والودي: فالمني فيه الغسل، ومن هذين الوضوء؛ يغسل ذكره، ويتوضأ.

                                                                                                                                                                              24 - حدثنا محمد بن نصر، قال: نا داود بن رشيد، قال: نا الوليد بن مسلم، عن أبي سعيد روح بن جناح، عن مجاهد، بينما نحن أصحاب عبد الله بن عباس جلوس في المسجد - طاوس، وسعيد بن جبير، وعكرمة - وابن عباس قائم يصلي، إذ وقف علينا - يعني: واقف - فقال: هل من مفتي؟ فقلنا: سل، فقال: ما تقولون في رجل إذا بال، أتبعه الماء الدافق؟ قلنا الذي يكون منه الولد؟ قال: نعم، قلنا: عليه الغسل، فولى الرجل يرجع، وخفف ابن عباس في صلاته، فلما سلم قال لعكرمة: علي بالرجل، ثم أقبل علينا، فقال: أرأيتم ما أفتيتم به [ ص: 244 ] هذا الرجل، أعن كتاب الله؟ قلنا: [ لا ]. قال: فعن رسول الله؟ قلنا: لا. قال: فعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: لا، قال: فعمن؟ قلنا: عن رأينا، قال: لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد" .

                                                                                                                                                                              فلما جاء الرجل أقبل عليه ابن عباس، فقال: أرأيت إذا كان ذلك منك [ هل تجد ] شهوة في قلبك؟ قال: لا، قال: فخدرا؟ يعني في جسدك. قال: لا، قال: هذه أبردة، يجزيك فيها الوضوء.


                                                                                                                                                                              25 - قال: حدثنا محمد بن يحيى، نا أبو حذيفة، نا عكرمة، عن عبد ربه بن موسى، عن أمه، أنها سألت عائشة عن المذي، فقالت: "إن كل فحل [ ص: 245 ] يمذي، وإنه المذي، والودي، والمني، فأما المذي: فالرجل يلاعب امرأته، فيظهر على ذكره الشيء، فيغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ، وأما الودي: فإنه بعد البول، يغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ ولا يغتسل، وأما المني: الأعظم منه الشهوة وفيه الغسل" .

                                                                                                                                                                              26 - حدثنا محمد بن إسماعيل، نا إسحاق بن عيسى، نا مالك، عن زيد بن أسلم، عن جندب مولى ابن عياش قال: سألت ابن عمر عن المذي، فقال: إذا وجدته فاغسل فرجك، وتوضأ وضوءك للصلاة.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وأما الودي، فهو شيء يخرج من الذكر على أثر البول، والوضوء يجب بخروج البول، وليس يوجب بخروجه شيء إلا الوضوء الذي وجب بخروج البول.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية