الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        (199) 5 - ما أورده شيخ الإسلام نقلا عن الشافي: حدثنا الخلال، حدثنا صالح بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن هارون، ثنا المسعودي عن القاسم قال: «لما قدم عبد الله بن مسعود به على بيت المال كان سعد بن مالك قد بنى القصر، واتخذ مسجدا عند أصحاب التمر، قال: فنقب بيت المال فأخذ الرجل الذي نقبه، فكتب إلى عمر بن الخطاب، فكتب عمر: أن لا تقطع الرجل، وأن انقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصل» ، وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان كالإجماع.

        قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إذا كان يجوز في المسجد الموقوف الذي [ ص: 100 ] يوقف للانتفاع بعينه، وعينه محترمة شرعا، أن يبدل به غيره للمصلحة، فلأن يجوز الإبدال بالأصلح والأنفع فيما يوقف للاستغلال أولى وأحرى» .

        قال ابن قاضي الجبل: «هذا الأثر كما أنه يدل على مساغ بيع الوقف عند تعطل نفعه، فهو دليل أيضا على جواز الاستبدال عند رجحان المبادلة; لأن هذا المسجد لم يكن نفعه متعطلا، وإنما ظهرت المصلحة في نقله لحراسة بيت المال الذي جعل في قبلة المسجد الثاني» ، وإذا جاز في أصل الوقف، ففي شرطه أولى.

        6 - أن الصحابة من غيروا كثيرا من بناء مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بأمكن منه للمصلحة الراجحة في ذلك، فقد ثبت أن عمر وعثمان رضي الله عنهما غيرا بناءه، أما عمر فبناه بنظير بنائه الأول باللبن والجذوع، وأما عثمان فبناه بمادة أعلى من تلك كالساج، وبكل حال فاللبن والجذوع التي كانت وقفا أبدلها الخلفاء الراشدون بغيرها، وهذا من أعظم ما يشتهر من القضايا ولم ينكره منكر، ولا فرق بين إبدال البناء ببناء، وإبدال العرصة بعرصة إذا اقتضت المصلحة ذلك.

        وإذا جاز في أصل الوقف ففي شرطه أولى.

        7 - أن بعض الصحابة رضي الله عنهما من سوغ نقل الملك في أعيان موقوفة تارة بالتصدق بها، وتارة ببيعها، [ ص: 101 ] (199) فقد ورد عن عمر رضي الله عنه «أنه كان ينزع كسوة البيت كل سنة فيقسمها على الحاج» .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية