الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        وجاء في مواهب الجليل عن البرزلي قوله في مسائل الحبس: «سئل القابسي عمن حبس كتبا وشرط في تحبيسه أن لا يعطى إلا كتاب بعد كتاب، فإذا احتاج الطالب إلى كتابين فهل يعطى؟ فأجاب: إن كان الطالب مأمونا واحتاج إلى أكثر من كتاب أخذه; لأن غرض المحبس ألا يضيع، وإن كان غير معروف فلا يدفع إليه إلا كتاب واحد خشية الوقوع في ضياع أكثر من واحد...قال صاحب المواهب: ...ظاهر ما في هذا السؤال أن يراعى قصد المحبس لا لفظه، ومنه ما جرى به العرف في بعض الكتب المحبسة ، يشترط عدم خروجها من المدرسة، وجرت العادة في هذا الوقت بخروجها بحضرة المدرسين ورضاهم، وربما فعلوا ذلك في أنفسهم ولغيرهم...ومثله ما فعلته في مدرسة الشيخ التي بالقنطرة غيرت بعض أماكنها مثل الميضأة...وأشياء أخرى بحيث لو كان المحبس حاضرا لارتضاه...» وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في اختياراته: «ومع الحاجة يجب إبدال الوقف بمثله وبلا حاجة يجوز بخير منه; لظهور المصلحة، وهو قياس الهدي، وهو وجه في المناقلة، ومال إليه أحمد، ونقل صالح: ينقل المسجد لمنفعة الناس، ولا يجوز أن يبدل الوقف بمثله لفوات التعيين بلا حاجة» .

        وقال في فتاويه: «وأما ما وقف للغلة إذا أبدل بخير منه: مثل أن يقف دارا، أو حانوتا، أو بستانا، أو قرية يكون مغلها قليلا فيبدلها بما هو أنفع للوقف: فقد أجاز ذلك أبو ثور وغيره من العلماء: مثل أبي عبيد بن حربويه [ ص: 94 ] قاضي مصر، وحكم بذلك، وهو قياس قول أحمد في تبديل المسجد من عرصة إلى عرصة للمصلحة...وهو قياس قوله في إبدال الهدي بخير منه» .

        وفي فتاوي محمد بن إبراهيم: «بخصوص المرأة...وبناتها، وطلبها إعطاءها قدر حاجتها وحاجة بناتها من غلال أوقاف أسلافها الموقفة على مساجد في تلك الجهات، وعليه فلا بأس أن تعطى من خلال هذه الأوقاف ما يكفيها ويكفي بناتها إن لم يكن لها ولبناتها ما يغنيهما عنها، فإن كان لهن دخل لا يكفيهم فيعطين من الغلال ما يسد كفايتهن» .

        القول الثاني: عدم جواز تغيير شرط الوقف من أدنى إلى أعلى:

        وهو قول الحنفية في غير ما سبق، وبه قال جمع من المالكية، هو الأصح عند الشافعية، والحنابلة.

        قال النووي: «ولو شرط الواقف أن لا يؤجر الوقف، فأوجه، أصحها: يتبع شرطه كسائر الشروط» .

        وجاء في الإقناع للشربيني: «وهو - أي: الوقف - على ما شرطه الواقف من تقديم وتأخير، وتسوية وتفضيل، وجمع وترتيب، وإدخال من شاء بصفة وإخراجه بصفة» .

        وجاء في كشاف القناع: «ويرجع - بالبناء للمفعول - عند التنازع في شيء [ ص: 95 ] من أمر الوقف إلى شرط واقف...ولأن الوقف متلقى من جهته فاتبع شرطه، ونصه كنص الشارع...، واستثناء كشرط فيرجع إليه...وكذا مخصص من صفة كما لو وقف على أولاده الفقهاء أو المشتغلين بالعلم، فإنه يختص بهم فلا يشاركهم من سواهم» .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية