الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الرابع: قواعد في شروط الواقفين

        ذكر العلماء رحمهم الله تعالى قواعد في شروط الواقفين مع ما سبق من القاعدة الكبيرة: أن الأصل في شروط الواقفين الحل والصحة:

        الأولى: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «مع أن التحقيق أن لفظ [ ص: 87 ] الواقف والموصي والناذر والحالف، وكل عاقد يحمل على مذهبه وعادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها وافق لغة العرب أو لغة الشارع أو لا، والعادة المستمرة والعرف المستقر في الواقف يدل على شرط الواقف أكثر مما يدل لفظه لاستفاضته» .

        الثانية: أن ألفاظ الواقفين تبنى على عرفهم، وبهذا قال فقهاء الحنفية وغيرهم، وقد تقدم عن شيخ الإسلام ما يدل على ذلك.

        وذهب السبكي رحمه الله إلى أن المعتبر بألفاظ الواقفين اللغة وعرف الشرع، فقال: «ولو كان فهم العوام حجة لم ينظر في شيء من كتب الأوقاف، ولا غيرها مما يصدر منهم، ولكننا ننظر في ذلك ونجري الأمر على ما يدل عليه لفظها لغة وشرعا، سواء أعلمنا أن الواقف قصد ذلك أم جهله، وما ذاك إلا أن من تكلم بشيء التزم حكمه، وإن لم يلتزم تفاصيله حين النطق به» .

        الثالثة: إذا شرط الواقف شرطين متعارضين ولم يمكن العمل بهما، يعمل بالمتأخر منهما; لأن الشرط الأخير يسفر عن المراد وعن غرض الواقف، وقد قال الفقهاء بوجوب مراعاة غرض الواقف وأنه يصلح مخصصا، ويظهر فائدة هذا أيضا فيما إذا كان للفظ محتملان، فإنه يجب تعيين أحدهما بالغرض.

        وقالوا أيضا: إذا تعارضت عبارتان في كلام الواقف، إحداهما تقتضي [ ص: 88 ] حرمان بعض الموقوف عليهم، والأخرى تقتضي عدمه، فالأقرب إلى مقاصد الواقفين أنهم لا يقصدون حرمان أحد من ذريتهم، فيترجح جانب العطاء; لأن الحرمان ليس من مقاصد الواقفين غالبا.

        الرابعة: قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: «القاعدة التاسعة: العرف والعادة يرجع إليه في كل حكم حكم به الشارع ولم يحده...ومن فروعها: أن الأوقاف يرجع في مصارفها إلى شروط الواقفين التي لا تخالف الشرع، فإن جهل شرط الموقف رجع في ذلك إلى العادة والعرف الخاص، ثم إلى العرف العام في صرفها في طرقها» .

        [ ص: 89 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية