الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 50 ] المطلب الثالث: الرجوع عن الوقف المنجز في مرض الموت

        سيأتي حكم الوقف المنجز في مرض الموت، وضابط مرض الموت، وما يلحق به، وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم الرجوع عن الوقف المنجز في مرض الموت على قولين:

        القول الأول: أنه لا يجوز الرجوع عن الوقف المنجز في مرض الموت.

        وبه قال من قال بلزوم الوقف المطلق من الحنفية، وهو قول للمالكية، ومذهب الشافعية، والحنابلة.

        القول الثاني: أنه يجوز الرجوع عن الوقف المنجز في مرض الموت.

        وهو المشهور عند المالكية.

        الأدلة:

        أدلة القول الأول: استدل لهذا القول بما يلي:

        1 - ما تقدم من الأدلة على لزوم الوقف.

        2 - الأدلة الدالة على لزوم الهبة في مرض الموت، وعدم الرجوع فيها.

        [ ص: 51 ] 3 - ولأنه عقد تام.

        دليل القول الثاني:

        استدل لهذا القول بالقياس على الوصية; إذ لا ينفذ من الوقف إن مات من مرضه إلا الثلث، فدل على أن له حكم الوصية، والوصية يجوز الرجوع فيها.

        ونوقش: بأنه قياس مع الفارق; إذ الوقف في مرض الموت ينفذ من جميع المال إذا صح، فلا يجوز له الرجوع فيه، بخلاف الوصية فيجوز الرجوع فيها سواء كان في مرضه أو بعد شفائه.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من عدم صحة الرجوع في الوقف المنجز في مرض الموت; إذ الوقف يخالف الوصية في مسائل كثيرة تقدمت في الباب التمهيدي.

        [ ص: 52 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية