الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        أدلة القول الثاني: (عدم صحة الوقف المنقطع الآخر) :

        استدل لهذا القول بالأدلة التالية:

        (202) 1 - رواه البخاري ومسلم من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» .

        وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» .

        2 - ما تقدم من أدلة مشروعية الوقف.

        وجه الدلالة: أن الوقف لم يرد في الشرع إلا مؤبدا، والمنقطع غير مؤبد.

        ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

        الأول: الوقف لم يرد في الشرع إلا مؤبدا غير مسلم، كما تقدم في شروط صحة الوقف، وأنه يصح كون الوقف مؤقتا.

        الثاني: أن انقطاع مصرف الوقف لا يلزم منه انقطاع الوقف، بل يبقى الوقف، ويصرف لمن بعد الجهة المنقطعة، كما سيأتي بيانه.

        [ ص: 144 ] 3 - أن أوقاف الصحابة إن لم يكن فيها انقطاع، وما كان فيه انقطاع يكون على خلاف سنة الوقف فيبطل.

        ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

        الأول: عدم التسليم، فقد روي عن الصحابة رضي الله عنهم، وقف الحيوان، ومآله إلى الانقطاع.

        الثاني: أن انقطاع جهة الصرف التي عينها الواقف لا يلزم منه انقطاع الوقف، فيصرف لمن بعد الجهة المنقطعة.

        4 - أن مقتضى الوقف التأبيد، فإذا كان منقطعا صار وقفا على مجهول، فلم يصح، كما لو وقف على مجهول في الابتداء.

        ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

        الوجه الأول: أنه لا يسلم عدم صحة الوقف على المجهول ابتداء، كما تقدم بيانه في شروط الموقوف عليه.

        الوجه الثاني: أن الوقف المنقطع الآخر لا يكون وقفا على مجهول; إذ مآله إلى العلم لكونه يصرف لمن بعده.

        5 - أنه يلزم منه توقيت الوقف، فكان مبطلا له; لأنه ينافي موجبه كالتوقيت في البيع.

        ونوقش: بما تقدم في مناقشة الدليل الأول.

        6 - أن المقصود بالوقف إيصال الثواب على الدوام حتى يتميز عن العواري، ولا يحصل هذا مع الانقطاع. [ ص: 145 ] ونوقش هذا الاستدلال: بعدم اشتراط الدوام فيصح الوقف المؤقت كما تقدم في شروط صحة الوقف.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - هو القول بصحة الوقف المنقطع الآخر; إذ الأصل صحة الوقف، وللإجابة على أدلة المانعين من صحته.

        ولأن في القول بالصحة استدامة للوقف بآثاره العظيمة.

        * * *

        التالي السابق


        الخدمات العلمية