الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثاني: مصرف الوقف المنقطع الآخر

        تقدم اختلاف أهل العلم في حكم الوقف المنقطع الآخر، وتقدم أن الراجح صحته، وعلى القول بالصحة اختلف العلماء في مصرفه على أقوال:

        القول الأول: أنه يصرف إلى الفقراء والمساكين.

        وهو مذهب الحنفية، ووجه في مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد.

        القول الثاني: يرجع الوقف - على المشهور - حبسا على فقراء عصبة المحبس نسبا، يوم المرجع الذي هو انقراض من حبس عليه، ولا يشاركهم [ ص: 146 ] أغنياؤهم، ولا يدخل فيهم الواقف ولو فقيرا، ولا مواليه، ويدخل من النساء من لو كان رجلا كان عاصبا، كالبنت والعمة.

        وإن كان الوقف مؤقتا كأن يقف على معينين مدة عشر سنين، فإذا مات أحدهم انتقل نصيبه إلى الباقين، فإن بقي واحد فله جميع الوقف، فإذا مات رجع الوقف للواقف ملكا وورثته من بعده.

        وهو مذهب المالكية.

        القول الثالث: أنه يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف من الفقراء.

        وهو الصحيح من مذهب الشافعية.

        القول الرابع: إن كان الواقف حيا رجع إليه الوقف وقفا عليه، وإن كان ميتا رجع إلى ورثة الواقف نسبا وقفا عليهم على قدر إرثهم.

        وهو مذهب الحنابلة.

        وفي رواية عن الإمام أحمد: أنه يرجع إلى ورثة الموقوف عليه.

        القول الخامس: أن يرجع إلى ملك واقفه الحي، وإلى ورثته من بعده.

        وهو رواية عن أبي يوسف، وقول في مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد. [ ص: 147 ] القول السادس: يصرف في مصالح المسلمين، ومنهم من خصه بمستحقي الزكاة.

        وهو وجه للشافعية، ورواية عن أحمد: يصرف لبيت المال.

        الأدلة:

        أدلة القول الأول: (يصرف للفقراء) :

        استدل لهذا الرأي بما يلي:

        1 - حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تعد في صدقتك، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه» .

        دل الحديث على أن الوقف منقطع الآخر لا يرجع لواقفه; لأنه أخرجه لله، فيكون للفقراء.

        2 - أن الفقراء والمساكين مصارف مال الله وحقوقه من الصدقات والكفارات ونحوها، والوقف صدقة أخرجها الواقف لله تعالى، فإذا انقطع الوقف لانقراض الموقف عليه، أو لعدم صحة الوقف عليه، صرف إليهم.

        3 - القياس على النذر، فمن نذر صدقة مطلقة صرفت إلى الفقراء والمساكين.

        4 - أن الملك زال عن المالك على وجه القربة، فلا يعود ملكا لواقفه، ولا لورثته من بعده، كالعتق، فيكون للفقراء.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية