الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        أدلة القول الثاني: (ملكية الوقف للموقوف عليه) :

        استدل أصحاب هذا القول بما يلي:

        1 - القياس على الصدقة، فكما أن المتصدق عليه يملك الصدقة، فكذلك الوقف يملكه الموقوف عليه; لأن كلا منهما إخراج مال على سبيل القربة.

        ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

        الوجه الأول: بأن الوقف تبرع وصدقة فيها تمليك للمنفعة دون العين لمن وقف عليهم، كما قرر ذلك الواقف، وكما جاء في الحديث: «لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث» .

        الوجه الثاني: بأن الصدقة الموقوفة لا يصح إلحاقها بالصدقة المطلقة; [ ص: 14 ] لأن الموقوفة قد قيدت من قبل الشارع بعدم جواز التصرف بالعين بالبيع والهبة والإرث، وهذه القيود مخلة بالملكية في حين أنه يجوز التصرف بالعين في الصدقة المطلقة بما يريد.

        2 - أن الوقف سبب يزيل ملك الواقف إلى من يصح تمليكه على وجه لم يخرج المال عن ماليته، فوجب أن ينقل الملك إليه، كالهبة، والبيع.

        ونوقش: بأن الوقف إزالة ملك الرقبة والمنفعة عن الواقف، وملك المنفعة للموقوف عليهم دون العين.

        وقياسه على الهبة والبيع لا يستقيم; إذ الواهب أو البائع قد ملك الموهوب أو المشتري العين، أما في الوقف فالواقف إنما ملك الموقوف عليه المنفعة فقط، فكان قياسا مع الفارق.

        3 - أن الوقف تمليك للعين والمنفعة جميعا; لأنه لو كان تمليكا للمنفعة المجردة لم يلزم، ولم يزل ملك الواقف عنه، كالعارية.

        ونوقش: بالفرق بين الوقف والعارية، وما في ذلك من دليل على زوال الملك بالوقف بينما لم يزل على العارية، والقياس على أم الولد قياس مع الفارق، فالوقف تبرع مخصوص بخلاف أم الولد.

        4 - أن الاستفادة الدائمة من العين أوضح دليل على أن مصدر الاستفادة هو الملك.

        [ ص: 15 ] ونوقش: بأن الاستفادة الدائمة هي للموقوف عليهم، بينما العين ليست في ملك أحد منهم كالمسجد.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية