الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        واعلم أن هذه الدلالة مستمدة من أشياء: أحدها: صلاح اللفظ الأول لترتيب التوزيع.

        الثاني: أن المفهوم يشعر بالاختصاص، وهذا لا ينازع فيه عاقل وإن نازع في كونه دليلا.

        الثالث: أن التأسيس أولى من التوكيد وليس هذا من باب تعارض الدليلين; ولا من باب تقييد الكلام المطلق وإنما هو من باب تفسير اللفظ الذي فيه احتمال المعنيين... فإذا تأمل قوله: على أنه من مات منهم عن [ ص: 181 ] غير ولد كان نصيبه لأهل طبقته، قال: إن كان مراد الواقف عموم الشياع كان هذا اللفظ مقيدا لبيان مراده، ومتى دار الأمر بين أن تجعل هذه الكلمة مفسرة اللفظ الأول; وبين أن تكون لغوا: كان حملها على الإفادة والتفسير أولى; الوجهين: أحدهما: أني أعتبرها; واعتبار كلام الواقف أولى من إهداره، والثاني: أجعلها بيانا للفظ المحتمل حينئذ; فأدفع بها احتمالا كنت أعمل به لولا هي، وإذا كان الكلام محتملا لمعنيين كان المقتضي لتعيين أحدهما قائما، سواء كان ذلك الاقتضاء مانعا من النقيض أو غير مانع، فإذا حملت هذا اللفظ على البيان كنت قد وفيت المقتضي حقه من الاقتضاء وصنت الكلام الذي يميز بين الحلال والحرام عن الإهدار والإلغاء، فأين هذا ممن يأخذ بما يحتمله أول اللفظ ويهدر آخره; وينسب المتكلم به إلى العي واللغو» .

        أدلة القول الثاني: (أن أولاد الأولاد لا يستحقون شيئا) :

        1 - أن الوقف على الأولاد كالوقف على الجهة، والجهة صادقة على القليل والكثير، فإذا وجد واحد من الأولاد لم يستحق أولاد الأولاد شيئا.

        ونوقش هذا الاستدلال: بعدم التسليم بأن الوقف على الأولاد كالوقف على الجهة، بل الوقف على الأولاد من قبيل ترتيب الأفراد على الأفراد، وليس من قبيل ترتيب كل فرد من الطبقة الأولى على مجموع الطبقة الثانية.

        2 - أن استحقاق البطن الثاني مشروط بانقراض البطن الأول للترتيب المستفاد من الأداة.

        ونوقش: بأن استحقاق أولاد الأولاد بموت أبيهم لا يتعارض مع الترتيب; لما تقدم في أدلة القول الأول.

        3 - أن اختصاص الطبقة الأولى هو المتبادر من لفظ الواقف، فيكون حقيقة فيه، فيجب الوقوف معها.

        [ ص: 182 ] ونوقش: بأن لفظ الواقف صالح لترتيب الأفراد على الأفراد، ولترتيب بطن على بطن.

        4 - أن الوقف ثبت بقول الواقف فيتبع فيه مقتضى كلامه; إذ إن (ثم) ، و(الفاء) تفيدان الترتيب، وإعمال الترتيب في هذه المسألة يكون بترتيب استحقاق مجموع جملة الطبقة الثانية على انقراض مجموع جملة الطبقة الأولى» .

        ونوقش: بأن الخلاف بيننا ليس في إفادة (ثم) والفاء للترتيب، ولكن هل تفيد (ثم) والفاء في مسألتنا ترتيب الجملة على الجملة، أو تفيد ترتيب الأفراد على الأفراد؟ كما سبق بيانه في أدلة القول الأول.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - أن من مات من الأولاد فإن أولاده يقومون مقامه; لقوة هذا القول، ومناقشة دليل القول الآخر.

        * * *

        التالي السابق


        الخدمات العلمية