الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        والخلاصة أن شروط الواقفين تنقسم إلى أقسام:

        القسم الأول: أن يكون مخالفة للشرع:

        كما لو شرط أن يصرف من ريعه على بناء القبور، أو الغناء، ونحو ذلك، فباطل.

        قال ابن القيم رحمه الله: «شروط الواقفين أربعة أقسام: شروط محرمة في الشرع، وشروط مكروهة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وشروط تتضمن ترك ما هو أحب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وشروط تتضمن فعل ما هو أحب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالأقسام الثلاثة الأولى لا حرمة لها ولا اعتبار، والقسم الرابع هو الشرط المتبع الواجب الاعتبار» .

        وفي فتاوى محمد بن إبراهيم: «وبناء على ما سبق من إبطال الشرطين فالذي يخصهما من ثلث الغلة حكمه حكم الوقف المنقطع الآخر، فيصرف إلى ذرية الواقف، ثم من بعدهم، وهكذا على حسب ترتيب الواقف المذكور في الصك المشار إليه سابقا، فأنتم إن شاء الله اعتمدوا تبليغ الناظرين على الوقف للعمل بمقتضى ما ذكرنا، وتسليم الصك وملحقه لمستحقي الوقف، وإعطائهم صورة من هذه الفتوى، والسلام عليكم» .

        ومن أمثلة الشروط ذلك: «إذا شرط الواقف أن يصلي الموقوف عليه في هذا المكان المعين الصلوات الخمس ولو كان وحده إلى جانبه المسجد [ ص: 82 ] الأعظم وجماعة المسلمين لم يجب عليه الوفاء بهذا الشرط، بل ولا يحل له التزامه إذا فاتته الجماعة، فإن الجماعة إما شرط لا تصح الصلاة بدونها وإما واجبة يستحق تاركها العقوبة وإن صحت صلاته، وإما سنة مؤكدة يقاتل تاركها، وعلى كل تقدير فلا يصح التزام شرط يخل بها.

        وكذلك إذا شرط الواقف العزوبية وترك التأهل لم يجب الوفاء بهذا الشرط بل ولا التزامه، بل من التزمه رغبة عن السنة فليس من الله ورسوله في شيء، فإن النكاح عند الحاجة إليه إما فرض يعصي تاركه، وإما سنة الاشتغال بها أفضل من صيام النهار وقيام الليل وسائر أوراد التطوعات، وإما سنة يثاب فاعلها كما يثاب فاعل السنن والمندوبات، وعلى كل تقدير فلا يجوز اشتراط تعطيله أو تركه; إذ يصير مضمون هذا الشرط أنه لا يستحق تناول الوقف إلا من عطل ما فرض الله عليه ، وخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن فعل ما فرضه الله عليه وقام بالسنة لم يحل له أن يتناول من هذا الوقف شيئا، ولا يخفى ما في التزام هذا الشرط والإلزام به من مضادة الله ورسوله .

        ومن ذلك اشتراط إيقاد سراج أو قنديل على القبر، فلا يحل للواقف اشتراط ذلك، ولا للحاكم تنفيذه، ولا للمفتي تسويغه، ولا للموقوف عليه فعله والتزامه...» القسم الثاني: ما ينافي مقتضى العقد:

        ومن ذلك: إذا شرط الرجوع فيه، أو شرط بيعه أو هبته، أو شرط حق الخيار.

        وقد تقدم الكلام على هذه الشروط.

        [ ص: 83 ] القسم الثالث: ما يخالف مصلحة الوقف:

        ومن ذلك: ما إذا شرط عدم عمارة الوقف، أو شرط أن لا يؤجر إلا مدة معينة، أو عدم استبداله، أو استثماره عند المصلحة والحاجة.

        ***

        التالي السابق


        الخدمات العلمية