الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث الرابع: مصرف الوقف منقطع الطرفين

        وهو أن يقف على من لا يصح الوقف عليه، ثم على من يصح، ثم على من لا يصح.

        ومثاله: هذا وقف على المغنين، ثم على ولدي زيد، ثم على كتب البدع.

        وفيه مطلبان:

        المطلب الأول: حكم الوقف منقطع الطرفين

        اختلف العلماء - رحمهم الله - في حكم الوقف المنقطع الطرفين على قولين:

        القول الأول: صحة الوقف المنقطع الطرفين.

        وهو مذهب المالكية، ووجه في مذهب الشافعية، وهو مذهب الحنابلة.

        جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: «وكذا يكون منقطع الطرفين كالوقف على نفسه ثم على أولاده ثم على ميت لا ينتفع بالوقف.

        [ ص: 152 ] والحاصل: أن الظاهر من مذهبنا أنه يبطل فيما لا يجوز الوقف عليه، ويصح فيما يصح عليه ولا يضر الانقطاع» .

        وجاء في المغني: «وإن كان منقطع الطرفين صحيح الوسط كرجل وقف على عبيده، ثم على أولاده ثم على الكنيسة خرج في صحته أيضا وجهان، ومصرفه بعد من يجوز إلى مصرف الوقف المنقطع» .

        وجاء في الإنصاف: «الخامسة عكس الذي قبله منقطع الطرفين صحيح الوسط وأمثلتها واضحة، وكلها صحيحة على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب، وخرج وجه بالبطلان في الوقف المنقطع من تفريق الصفقة على ما تقدم، ورواية: بأنه يصرف في المصالح، قال في الرعاية في منقطع الآخر: صح في الأصح» .

        القول الثاني: عدم صحة الوقف المنقطع الطرفين.

        وهو مذهب الحنفية، ومذهب الشافعية، وقول عند الحنابلة.

        جاء في بدائع الصنائع: «ومنها أن يجعل آخره بجهة لا تنقطع أبدا عند أبي حنيفة ومحمد، فإن لم يذكر ذلك لم يصح عندهما وعند أبي يوسف ذكر هذا ليس بشرط، بل يصح وإن سمى جهة تنقطع ويكون بعدها للفقراء وإن لم يسمهم.

        جاء في روضة الطالبين: «الرابعة: أن ينقطع الطرفان دون الوسط، وقف على رجل مجهول، ثم على أولاده فقط، فإن أبطلنا منقطع الأول، فهذا [ ص: 153 ] أولى، وإلا فالأصح بطلانه أيضا، فإن صححنا ففيمن يصرف إليه الخلاف السابق» .

        والحكم في هذه المسألة ينبني على ما تقدم بحثه من حكم الوقف منقطع الأول، وحكم الوقف منقطع الآخر، وتقدم صحة الوقف في المسألتين مع بيان أدلة كل قول، وعلى هذا يكون الراجح في هذه المسألة صحة الوقف منقطع الطرفين; للمرجحات السابقة في المسألتين.

        ***

        التالي السابق


        الخدمات العلمية