الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثالثة: إذا قال: هذا وقف على الأرامل:

        اختلف العلماء في مصرف الوقف إذا قال: هذا وقف على الأرامل، على قولين:

        [ ص: 280 ] القول الأول: أنه يشمل النساء التي فارقهن أزواجهن.

        وهو مذهب الشافعية، والحنابلة.

        وقيده القاضي من الحنابلة بالبالغ.

        القول الثاني: أنه يشمل الرجال والنساء.

        واختاره ابن عقيل من الحنابلة.

        الأدلة:

        1 - المعروف من كلام الناس أنه للنساء، فلا يحمل اللفظ إلا عليه.

        2- ولأن الأرامل جمع أرملة فلا يكون جمعا للذكر; لأن ما يختلف لفظ الذكر والأنثى في واحده يختلف في جمعه.

        دليل القول الثاني:

        ورود ذلك في اللغة، قال الشاعر:


        هذه الأرامل قد قضيت حاجتها فمن لحاجة الأرمل الذكر

        وقال الآخر:


        أحب أن أصطاد ضبا سحبلا     رعى الربيع والشتاء أرملا

        ونوقش: بأن ابن الأنباري أنكر على قائل القول الثاني وخطأه فيه، والشعر الذي احتج به حجة عليه، فإنه لو كان لفظ الأرامل يشمل الذكر والأنثى لقال: حاجتهم; إذ لا خلاف بين أهل اللسان في أن اللفظ متى كان للذكر والأنثى، ثم رد عليه ضمير غلب فيه لفظ التذكير وضميره، فلما رد الضمير على الإناث علم أنه موضع لهن على الانفراد، وسمى نفسه أرملا [ ص: 281 ] تجوزا وتشبيها بهن، ولذلك وصف نفسه بأنه ذكر، وكذلك الشعر الآخر، ويدل على إرادة المجاز أن اللفظ عند إطلاقه لا يفهم منه إلا النساء، ولا يسمى به في العرف غيرهن، وهذا دليل على أنه لم يوضع لغيرهن، ثم لو ثبت أنه في الحقيقة للنساء والرجال، لكن أهل العرف قد خصوا به النساء، وتركت الحقيقة حتى صارت مهجورة لا تفهم من لفظ المتكلم، ولا يتعلق بها حكم كسائر الألفاظ العرفية.

        وعلى هذا فالأقرب هو القول الأول; لدلالة العرف.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية