الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        وأما أولاد البنات ففي دخولهم مع الإطلاق خلاف على قولين:

        القول الأول: دخول أولاد البنات.

        وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، ورواية في مذهب الإمام أحمد.

        جاء في رد المحتار: «(قوله: لو وقف الوقف على الذرية) أي: لو قال: [ ص: 191 ] على ذرية زيد، أو قال: على نسله أبدا ما تناسلوا يدخل فيه ولده وولد ولده، وولد البنين وولد البنات في ذلك سواء خصاف» .

        جاء في التاج والإكليل: «(وتناول الذرية وولد فلان وفلانة أو الذكور والإناث وأولادهم الحفيد) أما الذرية فقال ابن رشد: اختلف الشيوخ في الذرية والنسل; فقيل: إنهما بمنزلة العقب، والولد لا يدخل فيه ولد البنات على مذهب مالك، وقيل: إنهم يدخلون فيها.

        وفرق ابن العطار فقال: النسل كالولد والعقب لا يدخل فيه ولد البنات بخلاف الذرية فتشمل ولد البنات اتفاقا; لقوله تعالى: ومن ذريته داود إلى قوله تعالى: وعيسى وهو ولد بنت» .

        جاء في مغني المحتاج: «(ويدخل أولاد البنات) قريبهم وبعيدهم (في الوقف على الذرية، و) على (النسل، و) على (العقب) بكسر القاف بخطه، ويجوز إسكانها وهو ولد الرجل الذي يبقى بعده، قاله القاضي عياض (و) على (أولاد الأولاد) لصدق اللفظ بهم» .

        القول الثاني: عدم دخول أولاد البنات.

        وهو المذهب عند الحنابلة، وقول عند المالكية.

        جاء في كشاف القناع: «(ولا يدخل ولد البنات في ولده ولا في أولاده إذا وقف عليهم (كوصية) أي: كما لو وصى ولد زيد أو أولاده فيدخل فيها [ ص: 192 ] أولاد بنيه; لما تقدم دون أولاد بناته وأولاد بنات بنيه وبنات بني بنيه، فليس لهم شيء في الوقف ولا في الوصية لأنهم من رجل آخر» .

        وجاء في الإنصاف: «(وإن وقف على عقبه أو ولد ولده أو ذريته دخل فيه ولد البنين) بلا نزاع في عقبه أو ذريته، وأما إذا وقف على ولده وولد ولده، فهل يشمل أولاد الولد الثاني والثالث وهلم جرا» .

        تقدم عن القاضي والمصنف والشارح وغيرهم أنه لا يشمل غير المذكورين.

        وقوله: (ونقل عنه لا يدخل فيه ولد البنات) إذا وقف على ولد ولده أو قال: على أولاد أولادي وإن سفلوا، فنص الإمام أحمد رحمه الله في رواية المروذي: أن أولاد البنات لا يدخلون، وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.

        قال في الهداية والمستوعب: وإن وصى لولد ولده، فقال أصحابنا: لا يدخل فيه ولد البنات; لأنه قال في الوقف على ولد ولده لا يدخل فيه ولد البنات.

        قال الزركشي: مفهوم كلام الخرقي أنه لا يدخل ولد البنات وهو أشهر الروايات، واختاره القاضي في التعليق والجامع والشيرازي وأبو الخطاب في خلافه الصغير.

        انتهى.

        قال في الفروع: «لم يشمل ولد بناته إلا بقرينة اختاره الأكثر جزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والفروع، وصححه في تجريد العناية، قال في الفائق: اختاره الخرقي والقاضي وابن عقيل والشيخان يعني: بهما المصنف، والشيخ تقي الدين وهو ظاهر ما قدمه الحارثي... .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية