الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        أدلة القول الرابع:

        1 - أنه لا يعرف لكلمة سبيل الله في القرآن معنى غير البر العام.

        ونوقش: بأن هذا غير مسلم، فقد جاءت لمعان متعددة، وقد كان الجهاد هو أكثر ما وردت فيه.

        (235) 2 - ما رواه البخاري من طريق أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه: أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر، من جهد أصابهم، فأخبر محيصة أن عبد الله قتل وطرح في فقير أو عين، فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه، قالوا: ما قتلناه والله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب» ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم به، فكتب: ما قتلناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: «أتحلفون، وتستحقون دم صاحبكم؟» ، قالوا: لا، قال: «أفتحلف لكم يهود؟» ، قالوا : ليسوا بمسلمين، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده مائة ناقة حتى أدخلت الدار، قال سهل: فركضتني منها ناقة» .

        وجه الدلالة: أنه إذا جاز دفع الزكاة في دية قتيل دفعة للنزاع، أي: من [ ص: 270 ] أجل المحافظة على الأمن، فمن باب أولى جواز صرفها للمحافظة على أمن الناس وحياتهم في الدولة الإسلامية، ورعاية مصالحهم العامة.

        ونوقش من وجوه:

        الوجه الأول: بأن الحديث جاء بلفظ آخر عند البخاري: «وفيه أنه وداه من عنده» ، وقد جمع بين الروايتين بأن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى تلك الإبل من أهل الصدقة بعد أن ملكوها، ثم دفعها لأهل القتيل.

        الثاني: على التسليم بأنه وداه من أموال الزكاة، فليس ذلك من المصالح العامة.

        الثالث: أن المقصود من إعطاء الدية ليس دفع النزاع فقط، بل هو جزء من العلة، فإصلاح ذات البين، وتطييب نفوس أولياء المقتول من المقاصد الشرعية لإعطاء الدية، ثم إن علة المحافظة على أمن الناس لا يتحقق في كل المصالح العامة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية