الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بأن ملكية العين بعد وقفها تنتقل إلى الله، أي: لا يكون لها مالك من الآدميين; لقوة ما استدلوا به، وضعف دليل المخالف بمناقشته، ولأن المقصود من الوقف في الجملة الدوام والاستمرار، وهذا يقتضي قطع تملك المخلوق له، وانتقاله إلى الله عز وجل.

        ولأن في ترك الوقف في ملك أحدهما مخالفة للمقصود من الوقف; إذ قد يعود هذا على الوقف بالفساد أو التصرف الذي يبطله.

        ومما يترتب على ذلك:

        1 - عدم إمكان تدخل الواقف أو الموقوف عليه في الوقف لمنع إصلاحه أو تنميته.

        [ ص: 21 ] 2 - سبق الإسلام في رعاية الشخصية الحكمية للوقف .

        3 - خروج الأحباس والأوقاف عن ملكية محبسها إلى ملك الله تعالى، وسقوط نفقاتها وتبعات رعايتها عن محبسها لتكون نفقات الوقف من غلته.

        4 - ما يتعلق بالنظر والولاية، وحرر في موضعه.

        لو كان الموقوف نصابا من الماشية، وحال عليها الحول، فإن قلنا: إن الملك فيها لله تعالى أو للواقف لم تجب فيها الزكاة لضعف ملك الواقف، وهو انتفاء التصرف في الرقبة والمنفعة.

        وإن قلنا: ملك الموقوف عليه، ففيه عند الشافعية وجهان، تجب فيه الزكاة على ظاهر كلام الإمام، واختيار أبي البركات وغيره من الحنابلة.

        6 - الشفعة لا تستحق على قول ملك لله وللواقف، وفي استحقاقها على قول إنها ملك للموقوف عليه وجهان عند الحنابلة.

        7 - إن وقف عبدا أو حيوانا وتعطل ولم تبق فيه منفعة لزمانة أو مرض، فإن قلنا: الملك في الوقف لله ، فالنفقة في بيت المال، وإن قلنا: الملك للموقوف عليه، فالنفقة في ماله، وإن قلنا : للواقف، فعليه النفقة ما دام حيا، فإذا مات ففي بيت المال.

        8 - لو وطئ الموقوف عليه الجارية الموقوفة، فلا حد عليه ولا مهر; للملك أو شبهه ، وتصير أم ولد على قول إنه ملك للموقوف عليه، لا ملك لله تعالى أو الواقف.

        9 - إن أتلف أجنبي الوقف أو أتلفه الواقف وجب عليه قيمته، ويكون للموقوف عليه إن قلنا: إن الملك له، وإن قلنا: إن الملك لله تعالى اشترى بالقيمة شقصا وأوقفه.

        [ ص: 22 ] 10 - لو سرق الوقف أو نماؤه، فعلى قول إنه ملك للموقوف عليه: يقطع على الصحيح، وقيل: لا يقطع.

        وإن قلنا: لا يملكه لم يقطع، على الصحيح، وقيل: يقطع، وقد حررته في موضعه من هذا البحث.

        11 - لو وقف شيئا على نفسه : قال بعضهم: يجوز; لأن الملك في الوقف يزول إلى الله تعالى، وقبل الوقف: كان للواقف، وكذا إن قلنا : باق على ملك الواقف يصح أيضا .

        12 - إذا حكمنا ببقاء ملك الواقف لزمه مراعاته والخصومة فيه، ويحتمل أنه يلزمه أرش جنايته كما يفدي أم الولد سيدها لما تعذر تسليمه، بخلاف غير المالك.

        13 - ما انهدم من بناء الوقف وآلته صرفه الحاكم في عمارة الوقف إن احتاج إليه ، وإن استغنى عنه أمسكه إلى وقت الحاجة إلى عمارته فيصرفه فيها، ولا يجوز أن يصرفه إلى مستحقي الوقف; لأن العين حق الله تعالى على الخلوص.

        14 - قال القرافي: «إن الوقف لا يصح عند الشافعي وأحمد إلا على معين يقبل الملك; لأن الوقف تمليك، فلا يصح عندهم على الحمل ومن سيولد لعدم قبولهما للملك; ونحن نمنع قاعدتهم، فالوقف تمليك فيصح على الجنين ومن سيولد» .

        15 - وجوب إخراج زكاة الفطر على الموقوف عليه إن قلنا: يملك على الصحيح، وقيل : لا تجب عليه.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية