الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 156 ) قوله تعالى: وبكفرهم : فيه وجهان، أحدهما: أنه معطوف على "ما" في قوله: "فبما نقضهم"، فيكون متعلقا بما تعلق به الأول. الثاني: أنه عطف على "بكفرهم" الذي بعد "طبع". وقد أوضح الزمخشري ذلك غاية الإيضاح، واعترض وأجاب بأحسن جواب، فقال: فإن قلت: علام عطف قوله: "وبكفرهم" ؟ قلت: الوجه أن يعطف على "فبما نقضهم"، ويجعل قوله: بل طبع الله عليها بكفرهم كلاما يتبع قوله: وقولهم قلوبنا غلف على وجه الاستطراد، ويجوز عطفه على ما يليه من قوله: "بكفرهم". فإن قلت: فما معنى المجيء بالكفر معطوفا على ما فيه ذكره ؟ سواء عطف على ما قبل الإضراب، أو على ما بعده، وهو قوله: "وكفرهم بآيات [ ص: 145 ] الله"، وقوله: "بكفرهم". قلت: قد تكرر منهم الكفر؛ لأنهم كفروا بموسى، ثم بعيسى، ثم بمحمد، فعطف بعض كفرهم على بعض، أو عطف مجموع المعطوف على مجموع المعطوف عليه، كأنه قيل: فبجمعهم بين نقض الميثاق، والكفر بآيات الله، وقتل الأنبياء، وقولهم: قلوبنا غلف، وجمعهم بين كفرهم وبهتهم مريم، وافتخارهم بقتل عيسى، عاقبناهم، أو بل طبع الله عليها بكفرهم، وجمعهم بين كفرهم كذا وكذا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "بهتانا" في نصبه خمسة أوجه، أظهرها: أنه مفعول به، فإنه مضمن معنى كلام، نحو: قلت خطبة وشعرا. الثاني: أنه منصوب على نوع المصدر، كقولهم: قعد القرفصاء، يعني: أن القول يكون بهتانا وغير بهتان. الثالث: أن ينتصب نعتا لمصدر محذوف؛ أي: قولا بهتانا، وهو قريب من معنى الأول. الرابع: أنه منصوب بفعل مقدر من لفظه؛ أي: بهتوا بهتانا. الخامس: أنه حال من الضمير المجرور في قولهم؛ أي: مباهتين، وجاز مجيء الحال من المضاف إليه؛ لأنه فاعل معنى، والتقدير: وبأن قالوا ذلك مباهتين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية