الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 75 ) قوله تعالى: ما المسيح ابن مريم إلا رسول : كقوله: وما محمد إلا رسول . و "قد خلت" صفة له كما في الآية الأخرى. وتقدم معنى الحصر. وقوله: "وأمه صديقة" ابتداء وخبر، ولا محل لهذه الجملة من الإعراب. و "صديقة" تأنيث "صديق" وهو بناء مبالغة، كفعال وفعول، إلا أنه لا يعمل عمل أمثلة المبالغة، فلا يقال: زيد شريب العسل، كما يقال: شراب العسل، وإن كان القياس إعماله، وهل هو من "صدق" الثلاثي، أو من "صدق" مضعفا ؟ القياس يقتضي الأول؛ لأن أمثلة المبالغة تطرد من الثلاثي دون الرباعي، فإنه لم يجئ منه إلا القليل. وقال الزمخشري : إنه من التصديق، وكذا ابن عطية ، إلا أنه جعله محتملا، وهذا واضح لقوله: وصدقت بكلمات ربها ، فقد صرح بالفعل المسند إليها مضعفا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "كانا يأكلان الطعام" لا محل له؛ لأنه استئناف وبيان، لكونهما كسائر البشر في احتياجهما إلى ما يحتاج إليه كل جسم مولد، والإله الحق منزه عن ذلك. وقال بعضهم: هو كناية عن احتياجهما إلى التغوط، ولا حاجة إليه. قوله: "كيف" منصوب بقوله: "نبين" بعده، وتقدم ما فيه في قوله: "كيف تكفرون" وغيره، ولا يجوز أن يكون معمولا لما قبله؛ لأن له صدر الكلام، وهذه الجملة الاستفهامية في محل نصب؛ لأنها معلقة للفعل قبلها. وقوله: "ثم انظر أنى يؤفكون" كالجملة قبلها، و "أنى" بمعنى: كيف، و "يؤفكون" ناصب لـ "أنى"، و "يؤفكون" بمعنى: يصرفون. [ ص: 379 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية