الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 146 ) قوله تعالى: إلا الذين فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه منصوب على الاستثناء من قوله: "إن المنافقين". الثاني: أنه مستثنى من الضمير المجرور في "لهم". الثالث: أنه مبتدأ، وخبره الجملة من قوله: "فأولئك مع المؤمنين". قيل: ودخلت الفاء في الخبر لشبه المبتدإ باسم الشرط. قال أبو البقاء، ومكي، وغيرهما: "مع المؤمنين" خبر "أولئك"، والجملة خبر "إلا الذين"، والتقدير: فأولئك مؤمنون مع المؤمنين، وهذا التقدير لا تقتضيه الصناعة، بل الذي تقتضيه الصناعة أن يقدر الخبر الذي يتعلق به هذا الظرف شيئا يليق به، وهو: فأولئك مصاحبون، أو كائنون، أو مستقرون، ونحوه، فتقدره كونا مطلقا أو ما يقاربه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "وسوف يؤت الله" رسمت "يؤت" دون ياء، وهو مضارع مرفوع، فحق يائه أن تثبت لفظا وخطا، إلا أنها حذفت لفظا في الوصل لالتقاء الساكنين، فجاء الرسم تابعا للفظ، وله نظائر تقدم بعضها. والقراء يقفون عليه دون ياء اتباعا للخط الكريم، إلا يعقوب، فإنه يقف بالياء نظرا إلى الأصل، وروي ذلك أيضا عن الكسائي وحمزة. وقال أبو عمرو: ينبغي أن لا يوقف [ ص: 133 ] عليها؛ لأنه إن وقف عليها كما في الرسم دون ياء خالف النحويين، وإن وقف بالياء خالف رسم المصحف، ولا بأس بما قال؛ لأن الوقف ليس ضروريا، فإن اضطر إليه واقف لقطع نفس ونحوه، فينبغي أن يتابع الرسم؛ لأن الأطراف قد كثر حذفها، ومما يشبه هذا الموضع قوله: ومن تق السيئات يومئذ ، فإنه رسم "تق" بقاف دون هاء سكت، وعند النحويين أنه إذا حذف من الفعل شيء حتى لم يبق منه إلا حرف واحد ووقف عليه، وجب الإتيان بهاء السكت في آخره جبرا له، نحو: "قه، ولم يقه، وعه، ولم يعه"، ولا يعتد بحرف المضارعة لزيادته على بنية الكلمة، فإذا تقرر هذا فنقول: ينبغي ألا يوقف عليه؛ لأنه إن وقف بغير هاء سكت خالف الصناعة النحوية، وإن وقف بهاء خالف رسم المصحف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية