الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 25 ) قوله تعالى: وأخي في ستة أوجه، أظهرها: أنه منصوب عطفا على "نفسي"، والمعنى: ولا أملك إلا أخي مع ملكي لنفسي دون غيرنا. [ ص: 235 ] الثاني: أنه منصوب عطفا على اسم "إن"، وخبره محذوف للدلالة اللفظية عليه؛ أي: وإن أخي لا يملك إلا نفسه. الثالث: أنه مرفوع عطفا على محل اسم "إن"؛ لأنه بعد استكمال الخبر، على خلاف في ذلك، وإن كان بعضهم قد ادعى الإجماع على جوازه. الرابع: أنه مرفوع بالابتداء وخبره محذوف للدلالة المتقدمة، ويكون قد عطف جملة غير مؤكدة على جملة مؤكدة بـ "إن". الخامس: أنه مرفوع عطفا على الضمير المستكن في "أملك"، والتقدير: ولا يملك أخي إلا نفسه، وجاز ذلك للفصل بقوله: "إلا نفسي"، وقال بهذا الزمخشري، ومكي، وابن عطية، وأبو البقاء. ورد الشيخ هذا الوجه بأنه يلزم منه أن موسى وهارون لا يملكان إلا نفس موسى فقط، وليس المعنى على ذلك. وهذا الرد ليس بشيء؛ لأن القائل بهذا الوجه صرح بتقدير المفعول بعد الفاعل المعطوف، وأيضا اللبس مأمون، فإن كل أحد يتبادر إلى ذهنه أنه يملك أمر نفسه. السادس: أنه مجرور عطفا على الياء في "نفسي"؛ أي: إلا نفسي ونفس أخي، وهو ضعيف على قواعد البصريين، للعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وقد تقدم ما فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      والحسن البصري يقرأ بفتح ياء "نفسي، وأخي". وقرأ يوسف ابن [ ص: 236 ] داود وعبيد بن عمير: "فافرق" بكسر الراء، وهي لغة: فرق يفرق، كيضرب. قال الراجز:


                                                                                                                                                                                                                                      1714 - يا رب فافرق بينه وبيني أشد ما فرقت بين اثنين



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن السميفع: "ففرق" مضعفا، وهي مخالفة للرسم. و "بين" معمولة لـ "افرق"، وكان من حقها ألا تكرر في العطف، تقول: المال بين زيد وعمرو، وإنما كررت للاحتياج إلى تكرر الجار في العطف على الضمير المجرور، وهو يؤيد مذهب البصريين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية