الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 166 ) قوله تعالى: لكن الله يشهد : هذه الجملة الاستدراكية يبتدأ بها، فلا بد من جملة محذوفة، وتكون هذه الجملة مستدركة عنها، والجملة المحذوفة هي ما روي في سبب النزول، أنه لما نزلت: إنا أوحينا إليك ، قالوا: ما نشهد لك بهذا أبدا، فنزلت: لكن الله يشهد ، وقد أحسن الزمخشري هنا في تقدير جملة غير ما ذكرت، وهو: فإن قلت: الاستدراك لا بد له من مستدرك، فأين هو في قوله: لكن الله يشهد ؟ قلت: لما سأل أهل الكتاب إنزال الكتاب من السماء وتعنتوا بذلك، واحتج عليهم بقوله: إنا أوحينا إليك. قال: "لكن الله يشهد"، بمعنى أنهم لا يشهدون، لكن الله يشهد. ثم ذكر الوجه الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الجمهور بتخفيف "لكن" ورفع الجلالة. والسلمي والجراح الحكمي بتشديدها ونصب الجلالة، وهما كالقراءتين في: "ولكن الشياطين" [ ص: 163 ] وقد تقدم حكمه. والجمهور على "أنزله" مبنيا للفاعل، وهو الله تعالى، والحسن قرأه: "أنزل" مبنيا للمفعول، وقرأ السلمي: "نزله بعلمه" مشددا. والباء في "بعلمه" للمصاحبة؛ أي: ملتبسا بعلمه، فالجار والمجرور في محل نصب على الحال. وفي صاحبها وجهان، أحدهما: الهاء في "أنزله". والثاني: الفاعل في "أنزله"؛ أي: أنزله عالما به. " والملائكة يشهدون " مبتدأ وخبر، يجوز أن تكون حالا أيضا من المفعول في "أنزله"؛ أي: والملائكة يشهدون بصدقه، ويجوز ألا يكون لها محل، وحكمه حينئذ كحكم الجملة الاستدراكية قبله. وقد تقدم الكلام على مثل قوله: " وكفى بالله " ، وعلى قوله: " ليغفر لهم " ، وأن الفعل مع هذه اللام أبلغ منه دونها.

                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 168 ) والجمهور على " وصدوا " مبنيا للفاعل، وقرأ عكرمة وابن هرمز: "وصدوا" مبنيا للمفعول، وهما واضحتان، وقد قرئ بهما في المتواتر في قوله: " وصدوا " في الرعد، "وصد عن السبيل" في غافر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية