الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 24 ) قوله تعالى: ما داموا فيها "ما" مصدرية ظرفية، و "داموا" صلتها، وهي "دام" الناقصة، وخبرها الجار بعده، وهذا الظرف بدل من "أبدا"، وهو بدل بعض من كل؛ لأن الأبد يعم الزمن المستقبل كله، ودوام [ ص: 234 ] الجبارين فيها بعضه، وظاهر عبارة الزمخشري يحتمل أن يكون بدل كل من كل، أو عطف بيان، والعطف قد يقع بين النكرتين على كلام فيه تقدم، قال الزمخشري: "وأبدا" تعليق للنفي المؤكد بالدهر المتطاول، و "ما داموا فيها" بيان الأمر. فهذه العبارة تحتمل أنه بدل بعض من كل؛ لأن بدل البعض من الكل مبين للمراد، نحو: أكلت الرغيف ثلثه، ويحتمل أن يكون بدل كل من كل، فإنه بيان أيضا للأول وإيضاح له، نحو: رأيت زيدا أخاك، ويحتمل أن يكون عطف بيان.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "وربك" فيه أربعة أوجه، أحدهما: أنه مرفوع عطفا على الفاعل المستتر في "اذهب"، وجاز ذلك للتأكيد بالضمير. الثاني: أنه مرفوع بفعل محذوف؛ أي: وليذهب ربك، ويكون من عطف الجمل، وقد تقدم لي نقل هذا القول والرد عليه، ومخالفته لنص سيبويه عند قوله تعالى: اسكن أنت وزوجك الجنة . الثالث: أنه مبتدأ، والخبر محذوف، والواو للحال. الرابع: أن الواو للعطف وما بعدها مبتدأ محذوف الخبر أيضا، ولا محل لهذه الجملة لكونها دعاء، والتقدير: وربك يعينك.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ها هنا قاعدون": "هنا" وحده هو الظرف المكاني الذي لا يتصرف إلا بجره بـ "من، وإلى"، و "ها" قبله للتنبيه كسائر أسماء الإشارة، وعامله "قاعدون"، وقد أجيز أن يكون خبر "إن"، و "قاعدون" خبر ثان، وهو بعيد، وفي غير القرآن إذا اجتمع ظرف يصلح الإخبار به مع وصف آخر يجوز أن يجعل الظرف خبرا والوصف حالا، وأن يكون الخبر الوصف والظرف منصوب به كهذه الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية