الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 52 ) قوله تعالى: فترى الذين الجمهور على "ترى" بتاء الخطاب، و "الذين" مفعول، فإن كانت الرؤية بصرية أو عرفانية - فيما نقله [ ص: 300 ] أبو البقاء وفيه نظر - فتكون الجملة من "يسارعون" في محل نصب على الحال من الموصول، وإن كانت قلبية فيكون "يسارعون" مفعولا ثانيا. وقرأ النخعي وابن وثاب: "فيرى" بالياء، وفيها تأويلان، أظهرهما: أن الفاعل ضمير يعود على الله تعالى، وقيل: على الرأي من حيث هو، و "يسارعون" بحالتها. والثاني: أن الفاعل نفس الموصول، والمفعول هو الجملة من قوله: "يسارعون"، وذلك على تأويل حذف "أن" المصدرية، والتقدير: ويرى القوم الذين في قلوبهم مرض أن يسارعوا، فلما حذفت "أن" رفع الفعل، كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      1742 - ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      أجاز ذلك ابن عطية، إلا أن هذا غير مقيس، إذ لا تحذف "أن" عند البصريين إلا في مواضع محفوظة. وقرأ قتادة والأعمش: "يسرعون" من أسرع. و "يقولون" في محل نصب على الحال من فاعل "يسارعون"، و "نخشى" في محل نصب بالقول، و "أن تصيبنا" في محل نصب بالمفعول؛ أي: نخشى إصابتنا. والدائرة صفة غالبة لا يذكر موصوفها، والأصل: داورة؛ لأنها من دار يدور. قوله: "أن يأتي" في محل نصب؛ إما على الخبر لـ "عسى"، وهو رأي الأخفش، وإما على أنها مفعول به، وهو رأي سيبويه؛ لئلا يلزم الإخبار عن الجثة بالحدث في قولك: عسى زيد أن يقوم، وأجاز أبو البقاء أن يكون "أن يأتي" في محل رفع على البدل من اسم "عسى"، وفيه نظر. [ ص: 301 ]

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فيصبحوا" فيه وجهان، أظهرهما: أنه منصوب عطفا على "يأتي" المنصوب بـ "أن"، والذي سوغ ذلك وجود الفاء السببية، ولولاها لم يجز ذلك؛ لأن المعطوف على الخبر خبر، و "أن يأتي" خبر "عسى"، وفيه راجع عائدة على اسمها، وقوله: "فيصبحوا" ليس فيه ضمير يعود على اسمها، فكان من حق المسألة الامتناع، لكن الفاء للسببية، فجعلت الجملتين كالجملة الواحدة، وذلك جار في الصلة نحو: الذي يطير فيغضب زيد الذباب، والصفة نحو: مررت برجل يبكي فيضحك عمرو، والخبر نحو: زيد يبكي فيضحك خالد، ولو كان العاطف غير الفاء لم يجز ذلك. والثاني: أنه منصوب بإضمار "أن" بعد الفاء في جواب التمني، قالوا: لأن "عسى" تمن وترج في حق البشر. و "على ما أسروا" متعلق بـ "نادمين"، و "نادمين" خبر "أصبح".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية