الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 97 ) قوله تعالى: إن الذين توفاهم "توفاهم" يجوز أن يكون ماضيا، وإنما لم تلحق علامة التأنيث للفعل؛ لأن التأنيث مجازي، ويدل على كونه فعلا ماضيا قراءة: "توفتهم" بتاء التأنيث، ويجوز أن يكون مضارعا حذفت إحدى التاءين منه، والأصل: تتوفاهم.

                                                                                                                                                                                                                                      و "ظالمي" حال من ضمير "توفاهم"، والإضافة غير محضة، إذ الأصل: ظالمين أنفسهم. وفي خبر "إن" هذه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه محذوف، تقديره: إن الذين توفاهم الملائكة هلكوا، ويكون قوله: قالوا فيم كنتم مبينا لتلك الجملة المحذوفة. الثاني: أنه فأولئك مأواهم جهنم ودخلت الفاء زائدة في الخبر تشبيها للموصول باسم الشرط، ولم تمنع "إن" من ذلك، والأخفش يمنعه، وعلى هذا فيكون قوله: قالوا فيم كنتم إما صفة لـ " ظالمي " ، أو حالا للملائكة، و "قد" معه مقدرة عند من يشترط ذلك، وعلى القول بالصفة فالعائد محذوف؛ أي: ظالمين أنفسهم قائلا لهم الملائكة. والثالث: أنه "قالوا فيم كنتم"، ولا بد من تقدير العائد أيضا؛ أي: قالوا لهم كذا، و " فيم " خبر " كنتم " ، وهي "ما" الاستفهامية حذفت ألفها حين جرت، وقد تقدم تحقيق ذلك عند قوله: فلم تقتلون أنبياء الله ، والجملة من قوله: "فيم كنتم" في محل نصب بالقول. "وفي الأرض" متعلق بـ "مستضعفين"، [ ص: 79 ] ولا يجوز أن يكون "في الأرض" هو الخبر، و "مستضعفين" حالا، كما يجوز ذلك في نحو: كان زيد قائما في الدار؛ لعدم الفائدة في هذا الخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فتهاجروا" منصوب في جواب الاستفهام، وقد تقدم تحقيق ذلك. وقال أبو البقاء: "ألم تكن" استفهام بمعنى التوبيخ، "فتهاجروا" منصوب على جواب الاستفهام؛ لأن النفي صار إثباتا بالاستفهام. انتهى. قوله: "لأن النفي" إلى آخره، لا يظهر تعليلا؛ لقوله: منصوب على جواب الاستفهام؛ لأن ذلك لا يصح، وكذا لا يصح جعله علة؛ لقوله: بمعنى التوبيخ. و "ساءت": قد تقدم القول في "ساء"، وأنها تجري مجرى "بئس"، فيشترط في فاعلها ما يشترط في فاعل تيك. و "مصيرا" تمييز.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية