الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 170 ) وقوله تعالى: بالحق فيه وجهان، أحدهما: أنه [ ص: 164 ] متعلق بمحذوف، والباء للحال؛ أي: جاءكم الرسول ملتبسا بالحق أو متكلما به. والثاني: أنه متعلق بنفس "جاءكم"؛ أي: جاءكم بسبب إقامة الحق. و "من ربكم" فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلق بمحذوف على أنه حال أيضا من "الحق". والثاني: أنه متعلق بـ "جاء"؛ أي: جاء من عند الله؛ أي: أنه مبعوث لا متقول.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "خيرا لكم" في نصبه أربعة أوجه، أحدها: - وهو مذهب الخليل وسيبويه - أنه منصوب بفعل محذوف واجب الإضمار، تقديره: وأتوا خيرا لكم؛ لأنه لما أمرهم بالإيمان، فهو يريد إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير منه، ولم يذكر الزمخشري غيره، قال: وذلك أنه لما بعثهم على الإيمان وعلى الانتهاء من التثليث، علم أنه يحملهم على أمر، فقال: خيرا لكم؛ أي: اقصدوا وأتوا أمرا خيرا لكم مما أنتم فيه من الكفر والتثلث. الثاني: - وهو مذهب الفراء - أنه نعت لمصدر محذوف؛ أي: فآمنوا إيمانا خيرا لكم. وفيه نظر من حيث أنه يفهم أن الإيمان منقسم إلى خير وغيره، وإلا لم يكن لتقييده بالصفة فائدة، وقد يقال: إنه قد يكون لا يقول بمفهوم الصفة، وأيضا فإن الصفة قد تأتي للتأكيد وغيره ذلك. الثالث: - وهو مذهب الكسائي وأبي عبيد - أنه منصوب على خبر "كان" المضمرة، تقديره: يكن الإيمان خيرا. وقد رد بعضهم هذا المذهب بأن "كان" لا تحذف مع اسمها دون خبرها إلا فيما لا بد له منه، ويزيد ذلك ضعفا أن "يكن" المقدرة جواب شرط محذوف، فيصير المحذوف الشرط وجوابه، يعني: أن التقدير: إن تؤمنوا يكن [ ص: 165 ] الإيمان خيرا، فحذفت الشرط وهو "إن تؤمنوا"، وجوابه وهو "يكن الإيمان"، وأبقيت معمول الجواب وهو "خيرا". وقد يقال: إنه لا يحتاج إلى إضمار شرط صناعي، وإن كان المعنى عليه؛ لأنا ندعي أن الجزم في "يكن" المقدرة إنما هو بنفس جملة الأمر التي قبله، وهو قوله: "فآمنوا" من غير تقدير حرف شرط ولا فعل له، وهو الصحيح في الأجوبة الواقعة لأحد الأشياء السبعة، تقول: قم أكرمك، فـ "أكرمك" جواب مجزوم بنفس "قم"؛ لتضمن هذا الطلب معنى الشرط من غير تقدير شرط صناعي. الرابع: - والظاهر فساده - أنه منصوب على الحال، نقله مكي عن بعض الكوفيين، قال: وهو بعيد. ونقله أبو البقاء أيضا ولم يعزه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية