الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 66 ) قوله: وكذب به : الهاء في "به" تعود على العذاب المتقدم في قوله: "عذابا من فوقكم"، قاله الزمخشري ، وقيل: تعود على القرآن، وقيل: تعود على الوعيد المتضمن في هذه الآيات المتقدمة. وقيل: على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا بعيد؛ لأنه خوطب بالكاف عقيبه، فلو كان كذلك لقال: وكذب به قومك، وادعاء الالتفات فيه أبعد. وقيل: لا بد من حذف صفة هنا؛ أي: وكذب به قومك المعاندون، أو الكافرون؛ لأن قومه كلهم لم يكذبوه، كقوله: إنه ليس من أهلك ؛ أي: الناجين. وحذف الصفة وبقاء الموصوف قليل جدا بخلاف العكس. وقرأ ابن عبلة: [ ص: 673 ] "وكذبت" بتاء التأنيث، كقوله تعالى: كذبت قوم نوح ، كذبت قوم لوط ، باعتبار الجماعة

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "وهو الحق" في هذه الجملة وجهان، الظاهر منهما: أنها استئناف، والثاني: أنها حال من الهاء في "به"؛ أي: كذبوا به في حال كونه حقا، وهو أعظم في القبح.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "عليكم" متعلق بما بعده وهو توكيد، وقدم لأجل الفواصل، ويجوز أن يكون حالا من قوله: "بوكيل"؛ لأنه لو تأخر لجاز أن يكون صفة له، وهذا عند من يجيز تقديم الحال على صاحبها المجرور بالحرف، وهو اختيار جماعة، وأنشدوا عليه:


                                                                                                                                                                                                                                      1944 - غافلا تعرض المنية للمر ء فيدعى ولات حين إباء



                                                                                                                                                                                                                                      فقدم "غافلا" على صاحبها وهو "المرء"، وعلى عاملها وهو "تعرض"، فهذا أولى، ومنه:


                                                                                                                                                                                                                                      1945 - لئن كان برد الماء هيمان صاديا     إلي حبيبا إنها لحبيب



                                                                                                                                                                                                                                      أي: إلي هيمان صاديا، ومثله:


                                                                                                                                                                                                                                      1946 - فإن يك أذواد أصبن ونسوة     فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال [ ص: 674 ]



                                                                                                                                                                                                                                      "فرغا" حال من "بقتل"، و "حبال" بالمهملة اسم رجل، مع أن حرف الجر هنا زائدة، فجوازه أولى من ما ذكرنا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية