الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 12 ) قوله تعالى: منهم اثني عشر نقيبا : "منهم" يجوز أن يتعلق بـ "بعثنا"، وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال من “اثني عشر"؛ لأنه في الأصل صفة له، فلما قدم نصب حالا. وقد تقدم الكلام في تركيب "اثني عشر"، وبنائه وحذف نونه في البقرة، فأغنى عن إعادته. و "ميثاق" يجوز أن يكون مضافا إلى المفعول - وهو الظاهر - أي: إن الله تعالى واثقهم، وأن يكون مضافا لفاعله؛ أي: إنهم واثقوه تعالى. والمفاعلة يجوز نسبة الفعل فيها إلى كل من المذكورين. والنقيب: فعيل، قيل: بمعنى فاعل، مشتقا من النقب وهو التفتيس، ومنه: فنقبوا في البلاد ، وسمي بذلك لأنه يفتش عن أحوال القوم وأسرارهم. وقيل: هو بمعنى مفعول، كأن القوم اختاروه على علم منهم تفتيش على أحواله. وقيل: هو للمبالغة، كعليم وخبير.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "لئن أقمتم" هذه اللام هي الموطئة للقسم، والقسم معها محذوف، وقد تقدم أنه إذا اجتمع شرط وقسم أجيب سابقهما، إلا أن يتقدم ذو خبر فيجاب الشرط مطلقا. وقوله: "لأكفرن" هذه اللام هي جواب القسم لسبقه، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، وهذا معنى قول الزمخشري: أن قوله: "لأكفرن" ساد مسد جوابي القسم والشرط، لا كما فهمه بعضهم، ورد عليه ذلك. ويجوز أن يكون "لأكفرن" جوابا لقوله تعالى قبل [ ص: 221 ] ذلك: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل ، لما تضمنه الميثاق من معنى القسم، وعلى هذا فتكون الجملتان - أعني: قوله: "وبعثنا"، "وقال الله" - فيهما وجهان، أحدهما: أنهما في محل نصب على الحال، والثاني: أن تكونا جملتي اعتراض، والظاهر أن قوله: "لئن أقمتم" جوابه: "لأكفرن" كما تقدم، وجملة هذا القسم المشروط وجوابه مفسرة لذلك الميثاق المتقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      والتعزير: التعظيم، قال:


                                                                                                                                                                                                                                      1710 - وكم من ماجد لهم كريم ومن ليث يعزر في الندي

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو الثناء بخير، قاله يونس، وهو قريب من الأول. وقيل: هو الرد عن الظلم، قاله الفراء . وقال الزجاج: هو الردع والمنع. فعلى القولين الأولين يكون المعنى: وعظمتموهم وأثنيتم عليهم خيرا، وعلى الثالث والرابع يكون المعنى: ورددتم وردعتم سفهاءهم عنهم. قال الزجاج: عزرت فلانا: فعلت به ما يردعه عن القبيح، مثل نكلت، فعلى هذا يكون " عزرتموهم " رددتم عنهم أعداءهم. وقرأ الحسن البصري: "برسلي" بسكون العين حيث وقع. وقرأ الجحدري: "وعزرتموهم" خفيفة الزاي، وهي لغة. وقرأ في الفتح: "وتعزروه" بفتح حرف المضارعة وسكون العين وضم الزاي، وهي موافقة لقراءته هنا. [ ص: 222 ]

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأقرضتم الله قرضا تقدم الكلام في "قرضا" وفي نصبه في البقرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية