الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 20 ) قوله تعالى: الذين آتيناهم الكتاب : الموصول مبتدأ، و "يعرفونه" خبره، والضمير المنصوب يجوز عوده على الرسول، أو على القرآن لتقدمه في قوله: وأوحي إلي هذا القرآن ، أو على التوحيد لدلالة قوله: إنما هو إله واحد ، أو على كتابهم، أو على جميع ذلك. وأفرد الضمير باعتبار المعنى، كأنه قيل: يعرفون ما ذكرنا وقصصنا. وقد تقدم إعراب هذه الجملة في البقرة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "الذين خسروا" في محله أربعة أوجه، أظهرها: أنه مبتدأ، وخبره الجملة من قوله: "فهم لا يؤمنون"، ودخلت الفاء لما عرفت من شبه الموصول بالشرط. الثاني: أنه نعت للذين آتيناهم الكتاب، قاله الزجاج. الثالث: أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هم الذين خسروا. الرابع: أنه منصوب على الذم، وهذان الوجهان فرعان على النعت؛ لأنهما مقطوعان عنه، وعلى الأقوال الثلاثة الأخيرة يكون "فهم لا يؤمنون" من باب عطف جملة اسمية على مثلها، ويجوز أن يكون عطفا على "خسروا"، وفيه نظر من حيث إنه يؤدي إلى ترتب عدم الإيمان على خسرانهم. والظاهر أن الخسران هو المترتب على عدم الإيمان، وعلى الوجه الأول يكون الذين خسروا أعم من أهل الجاحدين من المشركين، وعلى غيره خاصا بأهل الكتاب، والتقدير: الذين خسروا أنفسهم منهم؛ أي: من أهل الكتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      واستشكل على كونه نعتا الاستشهاد بهم على كفار قريش وغيرهم من العرب، يعني: كيف يستشهد بهم ويذمون في آية واحدة ؟ فقيل: إن هذا سيق للذم لا للاستشهاد. وقيل: بل سيق للاستشهاد، وإن كان في بعض الكلام ذم [ ص: 571 ] لهم؛ لأن ذلك بوجهين واعتبارين. قال ابن عطية : "فصح ذلك لاختلاف ما استشهد بهم فيه وما ذموا فيه، وأن الذم والاستشهاد ليسا من جهة واحدة".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية