الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 112 ) قوله تعالى: ثم يرم به : في هذه الهاء أقوال، أحدها: أنها تعود على "إثما"، والمتعاطفان بـ "أو": يجوز أن يعود الضمير على المعطوف كهذه الآية، وعلى المعطوف عليه، كقوله: وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها . والثاني: أنها تعود على الكسب المدلول عليه بالفعل، نحو: اعدلوا هو أقرب للتقوى . الثالث: أنها تعود على أحد المذكورين الدال عليه العطف بـ "أو"، فإنه في قوة "ثم يرم بأحد المذكورين". الرابع: أن في الكلام حذفا، والأصل: ومن يكسب خطيئة ثم يرم بها، وهذا كما قيل في قوله: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها ؛ أي: يكنزون الذهب ولا ينفقونه. و "أو" هنا لتفصيل المبهم، وتقدم له نظائر. وقرأ معاذ بن جبل : "يكسب" بكسر الكاف وتشديد السين، وأصلها: يكتسب، فأدغمت تاء الافتعال في السين وكسرت الكاف اتباعا، وهذا شبيه بـ "يخطف"، وقد تقدم توجيهه في البقرة. والزهري: "خطية" بالتشديد، وهو قياس تخفيفها.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولولا فضل الله في جواب "لولا" وجهان، أظهرهما: أنه مذكور، وهو قوله: "لهمت". والثاني: أنه محذوف؛ أي: لأضلوك، ثم استأنف جملة، فقال: "لهمت"؛ أي: لقد همت. قال أبو البقاء في هذا الوجه: ومثل حذف الجواب هنا حذفه في قوله: ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله [ ص: 89 ] تواب حكيم وكأن الذي قدر الجواب محذوفا، استشكل كون قوله: "لهمت" جوابا؛ لأن اللفظ يقتضي انتفاء همهم بذلك، والغرض أن الواقع كونهم هموا على ما يروى في القصة؛ فلذك قدره محذوفا، والذي جعله مثبتا أجاب عن ذلك بأحد وجهين: إما بتخصيص الهم؛ أي: لهمت هما يؤثر عندك، وإما بتخصيص الإضلال؛ أي: يضلونك عن دينك وشريعتك، وكلا هذين الهمين لم يقع. و "أن يضلوك" على حذف الباء؛ أي: بأن يضلوك، ففي محلها الخلاف المشهور، و "من" في "من شيء" زائدة، و "شيء" يراد به المصدر؛ أي: وما يضرونك ضررا قليلا ولا كثيرا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية