الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 89 ) قوله تعالى: لو تكفرون "لو" يجوز فيها وجهان، أحدهما: أن تكون مصدرية. والثاني: أنها على بابها من كونها حرفا لما كان سيقع لوقوع غيره، فعلى الأول تتقدر مع ما بعدها بمصدر، وذلك المصدر في محل المفعول لـ "ودوا"، وحينئذ فلا جواب لها، والتقدير: ودوا كفركم، وعلى الثاني يكون مفعول "ود" محذوفا، وجواب "لو" أيضا محذوف، لدلالة المعنى عليهما، والتقدير: ودوا كفركم لو تكفرون كما كفروا لسروا بذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      و "كما كفروا" نعت لمصدر محذوف تقديره: كفرا مثل كفرهم، أو حال من ضمير ذلك المصدر كما هو مذهب سيبويه، و "فتكونوا" عطف على "تكفرون"، والتقدير: ودوا كفركم فكونكم مستوين معهم في شرعهم. قال الزمخشري: ولو نصب على جواب التمني لجاز. وجعل الشيخ فيه نظرا من حيث إن النصب في جواب التمني، إذا كان التمني بلفظ الفعل يحتاج إلى سماع من العرب، بل لو جاء لم تتحقق فيه الجوابية؛ لأن "ود" التي بمعنى التمني متعلقها المصادر لا الذوات، فإذا نصب الفعل بعد الفاء لم يتعين أن [ ص: 63 ] تكون فاء جواب، لاحتمال أن يكون من باب عطف المصدر المقدر على المصدر الملفوظ به، فيكون من باب:


                                                                                                                                                                                                                                      1637 - للبس عباءة وتقر عيني ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      يعني: كأن المصدر المفعول بـ "يود" ملفوظ به، والمصدر المقدر بـ "أن" والفعل عطف عليه، فجعل المصدر المحذوف ملفوظا به في مقابلة المقدر بـ "أن" والفعل، وإلا فالمصدر المحذوف ليس ملفوظا به إلا بهذا التأويل المذكور، بل المنقول أن الفعل ينتصب على جواب التمني إذا كان بالحرف، نحو: "ليت، ولو، وألا"، إذا أشربتا معنى التمني. وفيما قاله الشيخ نظر؛ لأن الزمخشري لم يعن بالتمني المفهوم من فعل الودادة، بل المفهوم من لفظ "لو" المشعرة بالتمني، وقد جاء النصب في جوابها كقوله: فلو أن لنا كرة فنكون ، وقد قدمت تحقيق هذه المسألة، فقد ظهر ما قاله الزمخشري من غير توقف. و "سواء" خبر "تكونون"، وهو في الأصل مصدر واقع موقع اسم الفاعل بمعنى: مستوين؛ ولذلك وحد، نحو: رجال عدل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية