الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 74 ) وقوله تعالى: أفلا يتوبون : تقدم نظيره مرارا، وأن فيه رأيين؛ رأي الجمهور: تقديم حرف العطف على الهمزة تقديرا، ورأي أبي القاسم: بقاؤه على حاله وحذف جملة معطوف هذا عليها، والتقدير: أيثبتون على كفرهم فلا يتوبون. والاستفهام فيه قولان، أظهرهما: أنه للتعجيب من حالهم، كيف لا يتوبون ويستغفرون من هذه المقالة الشنعاء ؟ والثاني: أنه بمعنى الأمر، وهو رأي ابن زياد الفراء، كأنه قال: توبوا واستغفروا من هاتين المقالتين، كقوله: فهل أنتم منتهون . وكلام ابن عطية يفهم أنه للتحضيض، قال: رفق جل وعلا بهم بتحضيضه إياهم على التوبة وطلب المغفرة. يعني بذلك من حيث المعنى، وإلا ففهم التحضيض من هذا اللفظ غير مسلم، وكيف يعقل أن حرف العطف فصل بين الهمزة ولا المفهمة للتحضيض ؟ فإن قلت: هذا إنما يشكل على قولنا: إن "ألا" التحضيضية بسيطة غير مركبة، فلا يدعى فيها الفصل بحرف العطف، أما إذا قلنا: إنها همزة الاستفهام دخلت على "لا" النافية، وصار معناهما التحضيض، فلا يضر الفصل بحرف العطف؛ لأنه عهد في "لا" النافية الداخل عليها همزة الاستفهام. فالجواب: أنه لا يجوز مطلقا؛ لأن ذلك المعنى قد انسلخ وحدث [ ص: 378 ] معنى آخر وهو التحضيض، فلا يلزم من الجواز في الأصل الجواز بعد حدوث معنى جديد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية