الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 44 ) قوله تعالى: فتحنا قرأ الجمهور: "فتحنا" مخففا، وابن عامر: "فتحنا" مثقلا، والتثقيل مؤذن بالتكثير؛ لأن بعده "أبواب" فناسب التكثير، والتخفيف هو الأصل. وقرأ ابن عامر أيضا في الأعراف: "لفتحنا"، وفي القمر: "ففتحنا أبواب" بالتشديد أيضا، وشدد أيضا "فتحت يأجوج"، والخلاف أيضا في "فتحت أبوابها" في الزمر في الموضعين، "وفتحت السماء" في النبإ، فإن الجماعة وافقوا ابن عامر على تشديدها، ولم يقرأها بالتخفيف إلا الكوفيون، فقد جرى ابن عامر على نمط واحد في هذا الفعل، والباقون شددوا في المواضع الثلاثة المشار إليها، وخففوا في الباقي جمعا بين اللغتين.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فإذا هم مبلسون": "إذا" هي الفجائية، وفيها ثلاثة مذاهب، [ ص: 635 ] مذهب سيبويه : أنها ظرف مكان، ومذهب جماعة منهم والرياشي: أنها ظرف زمان، ومذهب الكوفيين : أنها حرف. فعلى تقدير كونها ظرفا مكانا أو زمانا الناصب لها خبر المبتدإ؛ أي: أبلسوا في مكان إقامتهم أو في زمانها.

                                                                                                                                                                                                                                      والإبلاس: الإطراق، وقيل: هو الحزن المعترض من شدة البأس، ومنه اشتق "إبليس"، وقد تقدم في موضعه، وأنه هل هو أعجمي أم لا ؟

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فقطع دابر" الجمهور على "فقطع" مبنيا للمفعول. "دابر" مرفوع به. وقرأ عكرمة: "قطع" مبنيا للفاعل وهو الله تعالى، "دابر" مفعول به، وفيه التفات؛ إذ هو خروج من تكلم في قوله: "أخذناهم" إلى غيبة. والدابر: التابع من خلف، يقال: دبر الولد والده، ودبر فلان القوم يدبرهم دبورا ودبرا. وقيل: الدابر: الأصل، يقال: قطع الله دابره؛ أي: أصله، قاله الأصمعي. وقال أبو عبيد: "دابر القوم آخرهم"، وأنشدوا لأمية بن أبي الصلت:


                                                                                                                                                                                                                                      1928 - فاستؤصلوا بعذاب حص دابرهم فما استطاعوا له صرفا ولا انتصروا



                                                                                                                                                                                                                                      ومنه: دبر السهم الهدف؛ أي: سقط خلفه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية